محمد علي محسن
نحترم قناعاتك يا بن دغر !!
الساعة 11:36 مساءاً
محمد علي محسن

نلومك كثيراً على اداء حكومتك التي لم يكتمل نصابها في عدن ، وقد نؤخذ عليك وجود غالبية الوزراء في فنادق الرياض بدلاً من عدن وحضرموت ومأرب ، خاصة بعد انتفاء الظروف القاهرة التي اجبرت الرئاسة والحكومة البقاء خارج البلاد ، وقد ننقدك في احايين كاثرة ولحد التجريح والاساءة لشخصك .

ومع كل ما قيل وسيقال عنك وعن حكومتك ،أو عن انتقالاتك وتحولاتك السياسية المكوكية خلال الفترة المنصرمة ، أجدك أفضل واكبر مليون مرة من اولئك القادة المزايدين الذين رهنوا نضالاتهم ومبادئهم الثورية وحتى ذاتهم الانسانية وكبريائهم ، نظير ان يصيروا كائنات بشرية بلا جذور وبلا تاريخ وبلا فكرة سامية تبجل الانسانية ، وان شئت قُل مجرد أرجوزات في مسرح صاخب وهزلي .

 

احترمك يا ابن دغر ، بكونك قبلاً ، كنت من دعاة الدولة الاتحادية الفيدرالية ، وبعد عودتك والتحاقك بمؤتمر المخلوع ، ومن ثم مشاركتك في مؤتمر الحوار الوطني وحتى مغادرتك صنعاء والانضمام للسلطة الشرعية في المنفى ، وقناعاتك بالدولة الاتحادية المتعددة الأقاليم لم تتبدل او تتغير ، بل ظللت متمسكاً بقناعتك تلك ، ودونما تتنازل عنها أو ترضخ أو تخاف مثلما هو حال الكثير .

 

نعم ، احترمك لأنك لم تسقط كبقية رفاقك الكافرين الان بكل التواريخ والافكار الثورية الاممية ، واحترمك أكثر انك وبعيد كل ما حدث ، لم تستسلم أو تتخلى عن افكارك الوطنية القومية الوحدوية الانسانية ، ففي المحصلة لديك افكارك وقناعاتك ، وهذه جميعها رؤى ومذاهب وتصورات نظرية هدفها تحقيق مصلحة المجتمعات والدول .

 

فمن الاخطاء الفادحة ربط الافكار والقناعات السياسية بتواريخ شخص او جماعة أو ممارسات مستبدة فاسدة ، بل ينبغي الفصل بين الحكام المغتصبين للسلطة والثروة وحتى الدولة والوطن عموما ، وبين تصورات ورؤى سياسية – وان اخفقت أو شُوهت - غايتها جمعية ووطنية وليس شخصية وانانية . احييك ، واحيي شجاعتك وايمانك ، بفكرة اليمن الكبير الذي يجب اعادة صياغته وهيكلته ، وعلى كافة مستويات الحكم والثروة والقوة ، فالمركزية برأيك وبرأي عقلاء اليمن معضلة تاريخية اعاقت التطور ومنعت التنمية والاستقرار ، والحل الأمثل دولة يمنية اتحادية مدنية ، بمعنى اخر دولة فيدرالية متعددة الأقاليم ، وتكون قابلة لمواكبة العصر وتحدياته المختلفة .

 

وهنا، ألفت عناية الجميع ، لأن مثالب الحكومة كاثرة وصارخة ، ومع كل ما قيل وسيقال عن سوءة الحالة الراهنة ، اجدني متعاطفا منحازاً لرئيس الحكومة اليمنية ، الدكتور احمد عبيد بن دغر ، فعلى الأقل اعده وحيداً ممن يشعرني بقيمة الدولة كمؤسسة ونظام وغاية نبيلة عادلة ، فلم تكن سلطته ومسؤوليته الَّاعلى كامل اليمنيين ودونما استثناء او تمايز محتقر ومهين لكرامة الناس .

 

وفضلا عن ذلك ، سياسي صلب منافح عن قناعاته السياسية ، ولعل صبره وجلده في سبيل الدولة الفيدرالية الاتحادية ، وفي محيط لج مضطرب ، لدليل وبرهان على ان الرجل لديه احترام وتبجيل لما يؤمن به من قناعات راسخة ، وهذه مزية للأسف تفرد بها عن سواه ممن اثبتت المرحلة والتجربة انهم على استعداد تام للتخلي عن كل شيء الفكر والتاريخ والايديولوجيا والهوية والوطن ..

 

ختاماً ، سنكتب عن عثرات واخفاقات السلطة الشرعية ، بشقيها الرئاسي والحكومي ، ولا يعني نقدهما اننا في خصومة دائمة أو اننا فقدنا البصر والبصيرة ، فعلى العكس مازال بمقدورنا التمييز بين هامات رجال واشباه رجال ، بين قيادات مجربة صقلتها التجربة ومرتجاها الدولة العادلة المنصفة لكل مواطنيها وبين قيادات اثبتت التجربة المنصرمة ان همَّها لا يتعدى القبيلة والعشيرة ونطاقهما الجغرافي الضيق .