محمد الدبعي
وأنتصف رمضان يا أهل الخير!
الساعة 04:02 مساءاً
محمد الدبعي
"فمن شهد منكم الشهر فليصمه". نتسحر ونحن ننتظر المؤذن وهو يصدح بصوته الشجي مؤذنا بدخول الفجر: الله أكبر الله أكبر! فنمسك عن الطعام والشراب إيمانا بالله واحتسابا للأجر والثواب، وقد امتلأت بطوننا بكل مالذ وطاب.

وتمر الساعات، ونحن على طعام السحور.. رويدا رويدا تقترب الساعة من إعلان النهاية لصيام هذا اليوم، وعقولنا مبرمجة على صوت المؤذن، وقلوبنا تدق بدلا عن عقارب الساعة، وطاحون المعدة بدأ في الدوران رغم انطفاء الكهرباء في كل ربوع الوطن وقد أنهكنا الجوع والعطش، نترقب صوت المؤذن الصداح من ميكروفونات المسجد المجاور..

الله أكبر الله أكبر

الله أكبر الله أكبر

وبدون مقدمات أو لحظة إنتظار ننكب على المائدة المعدة مسبقا بواسطة ملائكة المنزل، كسباع جائعة اطلقت، فننهال على الصحون والمطائب ضربا وجندالا.

الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين! الحمد لله الذي رزقنا هذا من غير حول منا ولا قوة!

اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال!

وهكذا كل يوم.. نتسحر ونفطر، فلله الفضل والمنة.

انتصف رمضان دون أن نشعر بذلك لأن روتين الصيام اليومي أنسانا عد الأيام وتذكر نعم الله علينا: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها!".

انتصف رمضان ولا ندري أصمناه حقا أم فرطنا فيه؟

رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش! فهل سلمت جوارحنا في هذا الشهر الفضيل عن الذنوب والمعاصي والآثام؟

هل صامت ألسنتنا عن الغيبة والنميمة والسباب واللعن؟ هل صامت أجسادنا عن أكل السحت والمال الحرام؟ هل سمت ارواحنا في هذا الشهر بفضل الصيام والقيام واقتربنا من الواحد الديان سبحانه؟

انتصف شهر رمضان المبارك الذي نادى الملاك في بدايته: "ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر!"، فهل أقبلنا فيه على فعل الخيرات؟

تذكرون في البداية تكلمت عن نعمة السحور والفطور التي لا تنقطع عنا بفضل الله وكرمه؟ وفي غمرة اللهو والاستمتاع بأشهى المأكولات وألذ المشروبات (التمور، الشفوت، الفتة، العسل والسمن، الزربيان والحنيذ والمشاوي، اللبنية والمهلبية والحلويات، الأجبان ومشتقاته… الخ).

 ياترى هل تذكرنا الجائعين والمشردين والفقراء والمساكين؟

هل تفكرنا بإخواننا وأخواتنا المسلمين المحرومين الذين لا يجدون ما يتسحرون به وما يفطرون عليه؟

هل تحسسنا جيراننا الذين حبسهم التعفف عن سؤال الناس لقمة يسدون بها رمق جوعهم؟

 يصومون الأيام المتوالية مواصلين صيامهم من غير أن تدخل أفواههم لقمة سحور أو فطور؟

انتصف رمضان يا أهل الخير وما نال منا الفقير والمحتاج والمسكين والمعوز خيرا قط، ومابلغ حاجته!

تتكدس أصناف الأطعمة على موائدنا، وربما يرمى الكثير منها في الزبالة، بينما إخواننا يتضورون جوعا ويتقطعون ألما؟!

 "ليس من من بات شبعان وجاره جائع!"

رمضان شهر الخير والبر والإحسان

رمضان شهر الكرم والجود يا إنسان!

رمضان وأعمال البر ليست في الحسبان:

"لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون!".

انتصف الشهر ولا ندري عن التقوى "لعلكم تتقون!"، ننام ونصحو على غفلة وسهو ولا تدمع لنا عين على السائل والمحروم.

أي صوم هذا الذي لا يدفعنا إلى المبادرة بأعمال الخير، والإنفاق في سبيل الله على الغير؟!

أي دين هذا الذي يبيت بعض أتباعه شبعا، والبعض الآخر جائعا؟

هذا ليس هو دين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم  نبي الرحمة الجواد الكريم، وأجود ما يكون في رمضان!

الراحمون يرحمهم الرحمن!

شيء لله يا اهل الله، شيء من خير يا أهل الخير!
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر