غمدان الشريف
سبتمبر وشعلة النصر المؤزر
الساعة 08:41 صباحاً
غمدان الشريف

 

بدأت الميليشيا الحوثية حربها على الشعب اليمني مبكرا بنشر ثقافتها السلالية عبر جملة من الطرق والوسائل من خلال المراكز التابعة لها لنشر الأفكار العنصرية والطائفية فيما سعت بقوة لترسيخ المشروع الإيراني في بلادنا بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لها، مستغلة عوامل عدة، أهمها الصراعات  التي تشهدها بلادنا بين الحين والآخر بينما سعت لاستعادة مشروعها بإرث تدعيه ممثلا بالإمامة في ثوب (الولاية) الذي رفضه شعبنا اليمني يوم ال26 من سبتمبر 1962 المجيد،  وخرج ضدها باحثاً عن الحرية والانعتاق، بفضل من الله، ثم بتضحيات الأبطال انتصر وأقام دولة الجمهورية. 

إن إجماع شعبنا اليمني نحو مشروع الجمهورية والدولة ورفضه القاطع لكل مشاريع التطرّف والعنصرية جعلته منتصرا في كل قضاياه على الدوام ايمانا بعدالة قضاياه التحررية، غير أن البعض غفل أو تغافل، عندما ساهمت  عناصر الحرس الثوري الايراني، وحزب الله، في تكوين ميليشا الحوثي الارهابية وغرسها هذه النبتة الاجرامية الخبيثة التي تسببت في كل هذه الدماء وهذا الدمار الذي حل بشعبنا.

لم يكن اجتياح العاصمة صنعاء يوم 21 من سبتمبر  بقوة السلاح  والانقلاب على الإرادة الشعبية وإسقاط حكومة الوفاق، من باب الصدفة، وإنما هدفه الخفي طمس معالم ومبادئ وأهداف وقيم ثورة الأحرار 26 من سبتمبر. 

ولهذا، سيظل يوم 21 من سبتمبر يوم أسود في تاريخ اليمنيين، جلب لهم الدماء والتعذيب والخوف والنزوح والتشرد والجوع والفقر والمرض والقهر والظلم والشتات، جلب الدمار لبيوت الآمنين ومنها بيوت الله وسقطت معها عاصمة اليمنيين التاريخية، صنعاء، ومعها مؤسسات الدولة، وعلا شعار الخميني في بلد سام وسبأ وحمير واستبيح القصر الجمهوري ودار الرئاسة وتعطلت كل مؤسسات الدولة. 

لم تنم صنعاء من بعد ذلك اليوم المشؤوم وهاهي تصرخ حتى اليوم في وجه المليشيا وعناصرها الاجرامية مستنجدة لانقاذها من قبضة الإماميين الجدد. من سوء حظي، أني كنت ذلك اليوم في صنعاء ، في منزل احد الجمهوريين في مجلسه، قبل أن تداهمنا مجموعة مسلحة من الميليشيا الحوثية مطالبة بتفتيش المنزل بحثا عن سلاح ومال كما يدعون عند كل عملية اقتحام وهتك لحرمة البيوت، حاول الشيخ التفاهم معهم وتهدئتهم وأخبرهم ان هذا منزله الذي يسكن فيه بمعية أسرته وليس من القوانين ولا الأعراف اليمنية المتعارف عليها اقتحام المنازل وانتهاك حرمتها، وليس لديه أَي سلاح، ليجيبه احدهم بعنجهية مقززة:  انت مطلوب للسيد. رسالة مفادها وخلاصتها تتمثل في مشروع الحوثي الطائفي ومافيا عناصره التي مازال كثير من الناس للأسف الشديد يعيشها إلى يومنا هذا بقوة السلاح من قبلهم . هذه المشاهد المستفزة لكرامة كل يمني سبتمبري حر  جعلتني أدرك أن صنعاء قد احتلت وأن الجمهورية قد سقطت وأننا اليوم نعيش عهد إمام جديد اسمه عبدالملك الحوثي ويجب التخلص منه كما تخلص اجدادنا من أسرة حميد الدين وحكمها البغيض .

ولهذا خاض شعبنا دفاعا باسلا صلبا عن جمهوريته ودولته وكرامته وعزته وحقق الكثير في سبيل ذلك، فتحررت عدن بينما صنعاء ماتزال تخضع لأبشع عصابة عنصرية سلالية إجرامية، تستمد قوتها من إيران وحزب الله في لبنان، رافعين شعارات خداعة يدغدغون بها عواطف الأطفال والمراهقين والجهلة ضد أطراف معينة تظهر لهم من خلالها العداء وهي في الأساس تتماهى مع مشروعها الطائفي العنصري وبات الكل يدرك انها حرب تنظيمية مدعومة من ايران بكل الوسائل خدمة لمشروعها الفارسي ومطامعها التوسعية الإرهابية.

من يقراء كتاب "اليمن تحت حكم الأئمة" الذي ألفه دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر في العام 2004 ويتأمل فيه المواقف والملاحم التاريخية لثوار سبتمبر وخطر الإمامة على بلادنا والوطن العربي من خلال فكرها القاتل المتمثل بأحقيتها في الحكم والادعاء الالهي، يجد نفسه قد ألم بجزء مهم من تاريخ شعبنا وما تجرعه من حاملي فكر هذه السلالة الإجرامية التي أعادت انتاج نفسها بدعم خارجي لأهداف يطول شرحها. ومن محاسن الصدف، أن صاحب هذا الكتاب الذي ألفه وأظهر الكثير من الحقائق عن الأئمة قبل ظهورهم مجددا من تحت رماد الغفلة، هو من يقف اليوم على رئاسة الحكومة التي تقاتل هذه الشرذمة المجرمة، وحوى كتابه في وقت مبكر الكثير من الحقائق والمحاذير التي لو تم أخذ جزء منها بعين الاعتبار والحذر، لما عشنا اليوم كل هذه المآسي والحروب وإسقاط الجمهورية والوحدة ومشروع الرئيس هادي الذي اتفق عليه اليمنيون في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

ورغم ذلك، إلا أن هذه المعاناة الصعبة التي عاشها شعبنا جراء لانقلاب الدموي المجرم، قد ولدت لنا طابورا من الجمهوريين الأحرار والثوار الأخيار الجدد الذين يقاتلون تحت لواء ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين ويرسمون بأعلى معاني التضحية، مستقبل الوطن الاتحادي الجديد الذي يتسع للجميع، نهجه المواطنة المتساوية ودولة النظام والقانون.

جميع مواطني اليمن في الخارج اليوم، يعانون ويلات الحرب والصراعات التي فرضت عليه مِن قبل ميليشيا شعارها الحرب وتجارتها حصاد الأرواح وسياستها الهيمنة والإذلال برغم استحواذهم على ثلثي ايرادات الدولة المقدرة بأكثر من 800 مليار سنويا. ولهذا فصنعاء تعيش اليوم في الظلام والجهل بسبب هذه الميليشيا الإرهابية ومر على موظفي الدولة فيها وفي المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، ثلاثة أعوام دون مرتبات فيما مشرفي المليشيا وأبناء السلالة، يتاجرون بجوع وآلام هذا الشعب الصابر المحتسب ويشترون بقوته وجراحاته ومعاناته وأوجاعه، الفلل والعقارات الفاخرة في سلوك اجرامي وحشي لم يعهده شعبنا من قبل.

إن الهدف اليوم الذي سنكون به أو لا نكون، هو الخلاص من كابوس يوم 21 من سبتمبر ومحوه من الوجود، والمضي قدما في خطوات كبيرة، خطوات زحف سبتمبر المجيد، وهو ما يتطلب تكاتف الجميع نحو هذه الغاية التي لا تضاهيها غاية أخرى انقاذا لشعبنا الصابر المحتسب وانتصارا لانسانيتنا وضمائرنا واخلاقياتنا وعروبتنا وديننا وقيمنا التي تسعى إيران لطمسها واستبدالها بملازم أدواتها المعتوهين.

غمدان علي الشريف 
20/09/2018

اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً