- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
تتلخص الرؤية الثاقبة للسلام في اليمن، التي قدمها رجل السلام معالي دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر في مؤتمر دعم مرجعيات الحل السياسي في اليمن المنعقد في الرياض، حيث ان تلك الرؤية تضمنت الخطوط العريضة للسلام في اليمن، انطلاقا من الدولة الاتحادية الضامنة للمساواة والراعية للحقوق والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية والحامية لحقوق الانسان بعيدا عن ديكتاتورية الدولة المركزية التي اورثت المجتمع اليمني تركة هائلة من الأحقاد والضغائن والظلم والاستبعاد والاقصاء والتهميش والغلو والتطرف والنزعات الانفصالية.
لقد أصاب بن دغر عندما حدد بدقة مرجعيات الحل السياسي في اليمن والتي تتمثل في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل والقرارات الدولية ذات الصلة وخاصة القرار 2216، لأن الخروج عن تلك المرجعيات المتفق عليها دوليا وإقليميا ومحليا يعني بكل بساطة الخضوع لرغبة المليشيات الحوثية التي لا تريد السلام ولا ترغب حتى في مجرد الحديث عن السلام، ذلك لان قيادات تلك المليشيات تعيش وتتغذى على الدماء وخاصة دماء الأطفال الأبرياء الذين يتم تجنيدهم والزج بهم في الخطوط الامامية ليكونوا حطبا ووقودا لحروب المليشيات الحوثية المتعطشة لمزيد من الدماء والخراب والدمار كونها تجارة رابحة تزيد من ثراء قادة المليشيات الذين باتوا أدوات رخيصة لمشروع ولاية الفقيه الإيرانية.
لقد أكد معالي رئيس مجلس الوزراء على حتمية انتصار الشعب اليمني في معركته المصيرية ضد عملاء إيران وادواتها الخبيثة في هذا الجزء الغالي من ارض العروبة كون اليمن ارضا وانسانا عصي على اقزام ايران الذين يسعون لجعله بؤرة إيرانية لزعزعة الامن والاستقرار في الدول العربية المجاورة، فضلا عن تهديد الامن والسلم الدوليين من خلال تهديد سلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ولذا فلا غرابة ان يصف بن دغر المعركة في اليمن بأنها مواجهة تاريخية بين العرب والإيرانيين الدخلاء على المنطقة مع التأكيد على اننا سننتصر في هذه المواجهة كيمنيين وعرب على المليشيات الحوثية الإيرانية العملية.
ان القراءة الواضحة والعميقة بل والحكيمة في رؤية بن دغر تتمثل في التنبؤ بأن الأفكار الضالة والمتطرفة والسلالية والكهنوتية مصيرها الزوال وان البقاء سيكون للأفكار العقلانية والطروحات الوسطية التي ستنتصر على الإرهاب الديني والفكري والسلالي والطائفي الكهنوتي كون اليمنيين لا يريدون سوى العيش في امان وسلام في بلادهم دون السماح للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية اليمنية لان ذلك يتنافى مع المواثيق الدولية الخاصة باحترام سيادة واستقلال وسلامة ووحدة ارضي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ان أجمل ما ورد في الرؤية هو الإصرار على التمسك بوحدة اليمن باعتبارها خط احمر لا يمكن تجاوزه، كون ذلك سيؤدي لا سمح الله الى تقسيم بقية البلدان العربية ولن يقتصر الامر على اليمن فقط وانما سيفتح الباب على مصراعيه لتقسيم وشرذمة الدول العربية الأخرى، لقد حذر بن دغر من قبول سياسة الامر الواقع التي يسعى لها الحوثي ويصر على تنفيذها وهي السيطرة على جزء من الوطن والانفصال به ليجعل منه دولة خاضعة لولاية الفقيه الإيرانية وبؤرة فارسية خبيثة للتآمر على دول المنطقة العربية والإسلامية ومن ثم تهديد وابتزاز المجتمع الدولي خدمة للأجندة الإيرانية وخاصة قضية الملف النووي الإيراني التي باتت مطروحة بجدية الان في جدول اعمال القوى الدولية الكبرى.
لم تغفل الرؤية الثاقبة التي قدمها بن دغر كيفية الحل السياسي والسلام مع المليشيات الحوثية الإيرانية، حيث تناولت الرؤية قضية غاية في الأهمية لا يكمن تصور السلام من دونها وهي انسحاب المليشيات الحوثية الإيرانية من المدن اليمنية التي استولت عليها بقوة السلاح ومن ثم تسليم السلاح للحكومة اليمنية الشرعية الضامنة لحقوق المواطنين اليمنيين والمسؤولة عن استكمال خطوات المرحلة الانتقالية بهدف الوصول الى الاستقرار الدائم من خلال الانتقال من الدولة البسيطة الى الدولة المركزية وفق ما جاء في مخرجات الحوار الوطني الشامل والمبادرة الخليجية المزمنة.
وفي الختام وضع بن دغر النقاط على الحروف في رؤيته للسلام مع الحوثيين مؤكدا على ضرورة ان يتم الافراج فورا عن الاسراء والمختطفين والمعتقلين السياسيين في سجون الحوثيين كما أكد ان على المليشيات الحوثية ان تمتثل لقرارات مجلس الامن الدولي وان تدرك ان السلام لن يتحقق من خلال العمالة والتحالفات مع الأطراف الخارجية المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، وانما يتحقق السلام من خلال التحالف مع الشعب اليمني والمصالحة الوطنية العادلة والمنصفة، وأضاف بن دغر انه ما يجب ان يدركه الحوثيين انهم لن يتمكنوا من حكم اليمن بالاعتماد على بطش المليشيات وتقييد الحريات وفرض الاتاوات وممارسة التفرقة والتمييز بين فئات الشعب اليمني.
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر