الفساد هو الثقب الأسود الذي يلتهم موارد الدولة ويقف عائقاً أمام تحقيق أي نجاح للمؤسسات الدولة على جميع المستويات، ويخلق فجوة في الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة، وللقضاء عليه لابُدّ من تشخيص حقيقي للداء ليتم وضع الخطط والإستراتيجيات لمحاربته بشكل فعلي وجاد.
وكانت هذه النقطة هي التي إستشعرها وأدركها دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك منذ الوهلة الأولى لاستلامه رئاسة الحكومة ، ليحزم أمره مبكراً وبكل شجاعة ، وهو يدرك أن مكافحة الفساد تتطلب إرادة قوية ،وخطوات جريئة، ويعلم جيداً حجم الإرث الثقيل والتحديات الكبيرة التي ستواجهه في بلد يعيش حرباً ونزاعاً مستمراً منذ عشر سنوات ،إقتصاد منهك، وضعف ملحوظ في أداء مؤسسات الدولة ،وموارد شبه منعدمة ، وما توفر منها يفتقر للطريقة الصحيحة لإدارتها .
لقد كانت زيارته الأولى في تاريخ 13فبراير 2024 _أي بعد أسبوع واحد فقط من توليه رئاسة الحكومة_
للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هي بمثابة عنوان عريض للمرحلة القادمة، لنبدأ بعدها ببرنامج أطلقه معاليه لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتطهيرها لنتمكن من أداء مهامها بشكل حقيقي لا صوري .
إن إعلاء مبدأ المساءلة والشفافية هو اللبنة الأولى في بناء الدول الناجحة والمتقدمة، وتحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي، ومن يتابع مسيرة الدكتور بن مبارك يجد أن هذا المبدأ رافقه وما يزال يؤكد عليه في جميع خطاباته واجتماعاته متعهداً باستمرار إتخاذ إجراءات حازمة وصارمة لمكافحة الفساد، ليصبح نهجاً متكاملاً .
لم تكن مقولته بأن (الفساد في السلم جريمة وفي الحرب خيانة عظمى)لم تكن مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي بل كان الدكتور بن مبارك يعي جيداً حجم الكارثة التي تعيشها مؤسسات الدولة، ولأنه يعرف جيداً ويعلم تماماً أن نهضة الدولة وقوتها تكمن في الإعداد الحقيقي والبناء على أسس صحيحة وسليمة، وحكم رشيد يعتمد على الشفافية والمسائلة ومكافحة الفساد وعدالة إجتماعية وتوزيع عادل للثروات ، وكثيراً ما أكد معاليه أن تفعيل مؤسسات الدولة وتحسين الخدمات وتخفيف معاناة المواطنين أولوية قصوى لحكومته ، ولن يتحقق ذلك إلا عبر هذا الطريق ووفق هذا النهج المستقيم .
لقد كان عام 2024 عام حرب على الفساد قام خلاله الدكتور بن مبارك باتخاذ العديد من الخطوات الشجاعة على طريق مكافحة الفساد حيث بدأها بتسليم قائمة للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعدد من المؤسسات ليتم مراجعة أعمالها خلال السنوات الماضية ،لتقييم الأداء وتصويب الأخطاء ومحاسبة المقصرين ، وتم إحالة العديد من الملفات إلى النيابة العامة منها قضايا فساد في مصافي عدن ،كما تم إيقاف عدد من المسؤوليين وإحالتهم للتحقيق في قضايا فساد في القطاع النفطي ، وتم اتخاذ قرار جريئ بتفعيل لجنة المناقصات في القطاع النفطي ، ومع نهاية العام 2024 كانت تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة على طاولة رئيس الوزراء لتنشر وكالة سبأ الحكومية تقريراً هو الأول من نوعه منذ بداية الحرب تضمن التحقيق في 20 من قضايا الفساد وإختلاس الأموال العامة في العديد من الدوائر والمؤسسات الحكومية .
إن مكافحة الفساد مسؤولية مشتركه بين الحكومة والإعلام والمواطن ، فهي معركة وعي ،وهو ما يؤكد عليه دوماً دولة رئيس الوزراء ،وكثيرا ما دعى المواطنين ووسائل الإعلام والكتاب والمثقفين لمساندة جهود الحكومة وتسليط الضوء على قضايا الفساد، ونشر ثقافة النزاهة والشفافية، لبناء دولة قوية قادرة على تحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي وتقديم خدمات أفضل للمواطنين في جميع المجالات .