
دخلت حاملة الطائرات الاميركية "هاري ترومان" منذ أيام إلى منطقة البحر الأحمر مع السفن والقوات التابعة لها، وهي واحدة من أضخم المجموعات الحربية لدى الأميركيين.
مسؤول أميركي أكد لـ "العربية" و"الحدث" أن حاملة الطائرات ترومان ستبقى في المنطقة لفترة من الزمن، ويمكن اعتبار هذا الانتشار تطوّراً في مقاربة الإدارة الأميركية الحالية لقضية الحوثيين وأمن الملاحة في المياه الدولية، وأيضاً لأمن منطقة الشرق الأوسط.
لا لسياسة بايدن
قامت سياسة الرئيس السابق جو بايدن تجاه الحوثيين على محاولة التحاور، وأول ما فعله وزير الخارجية حينذاك إنتوني بلينكن، كان رفعهم عن لائحة التنظيمات الإرهابية، ثم دخلت إدارة بايدن في مفاوضات مع الأطراف الإقليميين، وحثّت الحوثيين والدول المجاورة على الجلوس إلى الطاولة، ومحاولة الوصول إلى هدوء وحلول.
شهد اليمن شيئاً من الهدوء، لكن الحوثيين فجّروا الأوضاع عندما بدأوا في خريف العام 2023 في مهاجمة الملاحة في المياه الدولية، كما عمدوا إلى قصف إسرائيل.
استعملت إدارة بايدن القوة العسكرية لاحتواء هجمات الحوثيين، ففي مرحلة ما بداية العام 2024 وبعدما صدّت صواريخهم التي تستهدف السفن الحربية والتجارية، قامت القوات الأميركية بالتعاون مع البريطانيين بضرب البنى التحتية المتعلّقة بهذه الهجمات.
"لم يكن نجاحاً"
تعتبر إدارة ترامب بحسب مسؤولين تحدّثوا إلى "العربية" و"الحدث" خلال الأيام الماضية أن "ما فعله الرئيس السابق، الديموقراطي جو بايدن لم يكن نجاحاً"، واعتبر أحد المتحدثين أن الانطباع لدى الرئيس الحالي دونالد ترامب هو أن سلفه لم يكن مستعدّاً للدخول في مواجهة.
يتابع المسؤولون الحاليون في إدارة ترامب بتقديم تقييم سلبي لأداء الرئيس السابق وإدارته ويعتبرون أن "القوات المسلحة الأميركية كانت تتعامل مع الخطر مثل إسقاط الصواريخ والمسيرات، وكانت تتحاشى المخاطر خلال العمليات العسكرية". هناك وجه آخر للفشل الأميركي في اليمن، ويقوم على أن القوات الأميركية لم تنجح في منع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين.
التهريب مستمر
يتحاشى المتحدّثون الأميركيون إلقاء اللوم المباشر على إجراءاتهم العسكرية، لكنهم في المقابل يدلون بلائحة طويلة من العوائق التي منعت الإدارة السابقة من تحقيق "انتصار"، فالساحل اليمني طويل ويمتد من البحر الأحمر إلى باب المندب إلى خليج عدن والمحيط، والحدود البرّية أيضاً تتسبب بمشكلة.
أحد المتحدّثين قال لـ"العربية" و"الحدث" بـ"لغة أميركية" ما معناه أنهم "يتابعون التهريب ونحن نتابع عدم وقف التهريب" لكنه أشار إلى أن القوات الأميركية كانت تعمل دائماً على منع أي شحنة من السلاح عندما تتوفّر معلومات عملية عنها، والمشكلة ليست في الجهد الأميركي، بل في توفّر العدد الكبير من نقاط وممرات التهريب.
"الردّ الأميركي سيكون قويّاً"
تريد إدارة ترامب الحالية التعامل مع الحوثيين بطريقة مختلفة، فهي تعتبر أولاً أنها ليست ملزمة بسياسات بايدن تجاه الحوثيين.
كما تعتبر إدارة ترامب أن وقف إطلاق النار، ووقف هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية، أسهما إلى حدّ كبير في تراجع حدة الموقف بين الأميركيين والحوثيين، لكن الإدارة الحالية لديها مقاربة مختلفة وهي مبنيّة على التهويل باستعمال القوة القاهرة.
ويقول أحد المسؤولين الأميركيين الذين تحدّثوا إلى العربية والحدث "إن أي اعتداء حوثي على قطعة حربية أميركية أو سفينة تجارية سيغّير الحسابات تماماً" وأضاف أن "الردّ الأميركي سيكون قويّاً".
يمتنع المسؤولون الأميركيون لدى التحدّث إلى العربية والحدث عن إعطاء المزيد من التفاصيل. يعود ذلك عادة إلى أن الأميركيين لا يريدون الكشف عن خططهم، ثم إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحرص جداً على الاحتفاظ بعنصر المفاجأة، وعلى التهويل باستعمال القوة القاهرة، وعادة ما يكون الهدف هو ردع الطرف الآخر، وهنا الحوثيون، وإنذارهم بأن الضربات ستكون موجعة جداً ولن يتحمّلها التنظيم.
استطلاع الآراء
من الضروري القول إن إدارة ترامب لم تفصح حتى اللحظة عن سياسة متكاملة تجاه الحوثيين، لكنها أعادت التنظيم إلى لائحة الإرهابيين الخارجيين، وفتحت أبوابها لخبراء مستقّلين أميركيين ولشخصيات خبيرة، يمنية وغير يمنية، وناقشت مع أطراف إقليميين الخطوة التي يقترحونها لمواجهة أو حلّ مشكلة الحوثيين.
هناك الكثير من المقترحات، ومنها ما يبدأ عند التوصل إلى حلّ بالتفاهم مع الحوثيين، ومنها ما يمرّ عبر إعطاء الدعم والتدريب والسلاح للسلطة الشرعية وعزل الحوثيين في مناطق سيطرتهم الحالية على المدى الطويل.
لكن أبرز ما قيل لمسؤولين في البيت الأبيض بحسب مصدر خاص بـ"العربية" و"الحدث" هو أن مشكلة الحوثيين تصاعدت بسرعة منذ عشر سنوات عندما سيطروا على صواريخ الدولة اليمنية وبدأوا إنتاج بعض الأسلحة مثل المسيرات، وهذا مؤشّر واضح على تصاعد خطورة التعايش مع الحوثيين، وأن هجماتهم على الملاحة الدولية ليست إلا بداية المشكلة "ولو تمّ التغاضي عن إيجاد حلّ جذري ستواجهون مشكلة الحوثي بعد عشرين عاماً، كما تواجهون مشكلة ضخمة مثل مشكلة إيران.
المصدر: "العربية"
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر