الرئيسية - رياضة - أول مدربة كرة قدم سورية تحلم بعهد جديد للنساء وتحقيق العدالة
أول مدربة كرة قدم سورية تحلم بعهد جديد للنساء وتحقيق العدالة
الساعة 04:14 مساءاً (المنارة نت / متابعات )

أمضت مها جنود سنوات في العمل بكرة القدم السورية قبل أن تضطر لمغادرة بلادها بسبب الحرب. ومن أيسلندا، تتابع "جنود" التطورات وتأمل في تحقيق العدالة بعد رحيل بشار الأسد، منتظرة مستقبلا أفضل لسوريا وللنساء وللرياضة النسائية.

لايزال المستقبل في نظر أول مدربة كرة قدم نسائية في سوريا غير مؤكد، خاصة بالنسبة للنساء ولكرة القدم النسائية.

شهدت السورية مها جنود الكثير في حياتها ومسيرتها المهنية، ولكن مثل العديد من مواطنيها، فوجئت بالسرعة التي سقط بها نظام بشار الأسد في الثامن ديسمبر/كانون الأول تحت هجوم المعارضة.

وفي حين أن هناك أملًا وارتياحًا برحيل الأسد، لايزال المستقبل في نظر أول مدربة كرة قدم نسائية في سوريا غير مؤكد، خاصة بالنسبة للنساء ولكرة القدم النسائية.

ومنذ اندلاع حركة الاحتجاجات ضد نظام الأسد في عام 2011، قُتل حوالي 500 ألف شخص. وأشارت الأمم المتحدة في عام 2024 إلى أن عدد النازحين السوريين بلغ حوالي 14 مليون شخص، توجه ما يقرب من نصفهم  إلى خارج سوريا.

اضطرت جنود للرحيل عن سوريا ككثيرين غيرها، وهي تعمل حالياً مدربة في أكاديمية بريدابليك Breidablik، أحد الأندية الرائدة في أيسلندا.

وفي حوار مع DW، قالت جنود: "إنه أمر مؤلم للغاية - لم تجتمع عائلتي معًا منذ 12 عامًا. آمل أن نتمكن من لم شملنا قريبًا وأن تسمح الدول للاجئين بزيارة سوريا.لكل سوري الحق في زيارة منزله، أو ما تبقى منه، أو أطلال ذكرياته".

بداية الشغف بكرة القدم

بالنسبة لجنود، الذكريات في سوريا كثيرة.ففي مطلع القرن العشرين، كانت المراهقة آنذاك قد بدأت للتو مسيرتها كلاعبة كرة قدم. وحقق المنتخب السوري حينها بعض النجاح، مثل حصوله على المركز الثالث في بطولة غرب آسيا عام 2005. ولكن هذا كان رغما عن اتحاد كرة القدم السوري، وليس بفضله.

وتقول جنود: "لم يكن هناك دعم كبير، ولا حتى دوري. لم يكن هناك سوى مجموعة صغيرة من اللاعبات المتحمسات للعب كرة القدم. استخدمنا الاتحاد للمشاركة في البطولات الدولية دون تقديم أي دعم مالي أو وضع استراتيجية أو دوري لكرة القدم".

وبالنسبة لجنود، التي تلقت دورات تدريبية في مجال التدريب بعد انتهاء مسيرتها الكروية كلاعبة عام 2011، كان هذا بمثابة طعم مبكر لعلاقة صعبة مع الاتحاد السوري لكرة القدم. وكان الاتحاد خاضعًا لسيطرة نظام الأسد، الذي ملأه بالمسؤولين الموالين ممن "أداروه وكأنه إقطاعية شخصية لهم مقابل فوائد مالية وغيرها"، على حد قولها.

المدربة الوحيدة في سوريا
في عام 2018، أصدر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قرارًا يلزم جميع الاتحادات الأعضاء بإنشاء أقسام فنية لكرة القدم النسائية. وباعتبارها المدربة الوحيدة في سوريا التي تمتلك رخصة التدريب والخبرة المطلوبة، لم تكن هناك خيارات أخرى.

وحصلت جنود بالفعل على المنصب، لكنها تحكي أن الاتحاد السوري حينذاك جعل عملها مستحيلا. وتقول جنود: "كانوا يأخذون الراتب المخصص لي من قبل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ويجبروني على التوقيع كما لو كنت استلمته، رغم أنني لم أستلمه".

وعملت المدربة السورية في الوقت نفسه كمساعدة لمدرب نادي المحافظة الرياضي بدمشق، حيث تم استخدامها ”كأداة للدعاية من قبل الحكومة" لإظهار تمكين المرأة في البلاد.

وتقول جنود: "تم الحديث عني عالميًا باعتباري أول مدربة في الشرق الأوسط تدرب فريقًا للرجال، ومع ذلك لم أتلق كلمة شكر من المسؤولين في سوريا، ولا أي اعتراف معنوي أو مادي".

متابعة ما يحدث من الخارج
وعندما أصبح كل هذا أكثر مما تستطيع احتماله، قررت جنود الرحيل في عام 2020. وعملت في مجلس سيدات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وكذلك مع فريق سيدات عمان، قبل أن تتوجه أخيرًا إلى أيسلندا عام 2023.

وشهدت جنود، والتي تبلغ من العمر اليوم 39 عامًا، الأحداث الأخيرة في سوريا من منزلها في أيسلندا. وتتابع المدربة السورية، كملايين غيرها، عملية التغيير البطيئة ومحاولات تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت قيادة الزعيم العسكري للمعارضة المسلحة والرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع.

وتقول جنود: "سوريا تعيش الآن آلام المخاض من أجل ولادة جديدة، وهذه المعاناة ضرورية. آمل أن يكون الطفل الجديد بصحة جيدة. إن سعادتي بنهاية الطغيان الذي أثقل كاهلنا لا توصف، ولكنني آمل ألا ننتقل من نار إلى أخرى".

ويثير الوضع قلق ملايين الأشخاص في بلد أنهكته 13 عاماً من الحرب، وتضيف جنود: "مازلت في انتظار رؤية إدارة البلاد والدستور الجديد، لأن هذه هي الأسس التي سيتم بناء مستقبل سوريا وشعبها عليها".

لعبة السيدات

حتى في خضم الحرب، ظل المنتخب الوطني للرجال قادرًا على المنافسة في آسيا واقترب من التأهل لكأس العالم في عام 2018. ويأمل البعض بأنه في حال استقر الوضع خلال الأشهر أو السنوات القادمة، يمكن لمنتخب الرجال أن يصبح قوة حقيقية بعالم كرة القدم.

أما بالنسبة لمستقبل كرة القدم النسائية، لا يزال الوضع أقل وضوحا. ففي مناسبات متعددة، قال الشرع إن تعليم المرأة سيستمر وفند المخاوف من أن تسير سوريا على خطى طالبان في أفغانستان، حيث لا يُسمح للنساء، من بين أمور أخرى، بالمشاركة في الرياضة.

وتتجنب جنود إصدار أي أحكام مسبقة على الوضع حيث تقول: "إذا سمح النظام الحاكم والدستور الجديد للمرأة بالمشاركة، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير مسار البلاد بالكامل. علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان سيتم السماح باستمرار الرياضة النسائية بميزانية مخصصة لذلك. لا يحدث شيء من خلال الأحلام وحدها؛ الواقع سوف يحدد هذا".

ومع عودة الحلم بأن تتقدم كرة القدم النسائية في سوريا للأمام، فإن لجنود دورا مهما لتلعبه باعتبارها الشخصية الأكثر خبرة في كرة القدم النسائية ببلادها. وتقول المدربة السورية: "إذا أصبحت سوريا آمنة ويحكمها دستور عادل خال من العنصرية والتمييز ويضمن حياة كريمة لمواطنيها، فلا بد أن أعود".

أعدته للعربية: دينا البسنلي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر