الرئيسية - شؤون دولية - أشهر عملية اغتيال في التاريخ .. تسببت في اكبر خسائر بشرية في العالم واندلاع 4 ثورات
أشهر عملية اغتيال في التاريخ .. تسببت في اكبر خسائر بشرية في العالم واندلاع 4 ثورات
الساعة 07:00 مساءاً (المنارة نت / بي بي سي)

في 18 يونيو/ حزيران من عام 1914 لقي ولي عهد إمبراطورية النمسا والمجر الأرشيدوق فرانز فرديناند، مصرعه في سراييفو في البوسنة والهرسك (كانت تابعة آنذاك لإمبراطورية النمسا والمجر)، وكان اغتياله السبب المباشر في اندلاع الحرب العالمية الأولى.

فمن هو فرانز فرديناند؟

ولد الأرشيدوق فرانز فرديناند وُلد في 18 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1863 في غراتس بالنمسا، ولقي حتفه في 28 يونيو/ حزيران من عام 1914 بسراييفو في البوسنة والهرسك، بحسب دائرة المعارف البريطانية.

وكان فرانز فرديناند الابن الأكبر للأرشيدوق تشارلز لويس، شقيق الإمبراطور فرانز جوزيف. وقد أدت وفاة ولي عهد إمبراطورية النمسا والمجر الأرشيدوق رودولف في عام 1889 إلى جعل فرانز فرديناند التالي على خلافة العرش النمساوي المجري بعد والده، الذي توفي عام 1896.

ولكن بسبب اعتلال صحة فرانز فرديناند في تسعينيات القرن التاسع عشر، كان يُنظر إلى شقيقه الأصغر أوتو باعتباره المرجح لتولي العرش، وهو الاحتمال الذي أثار مرارةً شديدة لدى فرانز فرديناند.

وأدت رغبته في الزواج من صوفي، كونتيسة تشوتيك، إلى صراع حاد مع الإمبراطور والبلاط. ولم يُسمح له بالزواج منها إلا في عام 1900 بعد التنازل عن حقوق أبنائه المستقبلية في العرش.

في الشؤون الخارجية حاول استعادة التفاهم النمساوي الروسي دون تعريض التحالف مع ألمانيا للخطر. وفي الداخل، فكر في الإصلاحات السياسية التي كان من شأنها أن تعزز موقف أسرة هابسبورغ الحاكمة، واستندت خططه إلى إدراك أن أي سياسة قومية يتبعها قسم واحد من السكان من شأنها أن تعرض الشراكة النمساوية المجرية للخطر .

وقد ساءت علاقته مع الإمبراطور فرانز جوزيف بسبب ضغوطه المستمرة عليه، فرغم أن الإمبراطور ترك شؤون الحكم في سنواته الأخيرة ليعتني بنفسه، ولكنه استاء بشدة من أي تدخل في صلاحياته.

ومنذ عام 1906، زاد تأثير فرانز فرديناند في الأمور العسكرية، وفي عام 1913 أصبح المفتش العام للجيش.

الاغتيال

في 28 يونيو/ حزيران من عام 1914، كان فرانز فرديناند في مقاطعة البوسنة والهرسك، التابعة للنمسا والمجر، برفقة زوجته صوفي. وكان هناك كمفتش عام للجيش الإمبراطوري.

كانت الأوضاع السياسة في البلقان حينئذ مضطربة، وكانت مملكة صربيا المجاورة تطمع بالبوسنة التي يعيش فيها صرب يخضعون لسيطرة آل هابسبورغ.

وعلاوة على ذلك، فإن التاريخ المحدد لتلك الزيارة الإمبراطورية واستعراض قوة هابسبورغ كان يوم 28 يونيو/ حزيران، وهو يوم أسود في التاريخ الصربي فقد كان ذكرى الانتصار التركي على صربيا في معركة كوسوفو عام 1389. وقد أدى ذلك إلى تأجيج نيران معارضة القوميين الصرب في البوسنة لتلك الزيارة.

كان الزوجان الملكيان يسافران في سيارة مفتوحة ضمن موكب سيارات عبر سراييفو، جاهلين بحقيقة أن العديد من القتلة المحتملين كانوا ينتظرون على طول طريق توقفهما المعلن مسبقاً.

وبعد الساعة العاشرة صباحاً بقليل، ووسط حشود مبتهجة تصطف على جانبي الشارع، ألقى أحد المهاجمين، وهو نيدجيلكو كابرينوفيتش قنبلة يدوية على سيارة الزوجين الملكيين.

وقد ارتدت القنبلة من الجزء الخلفي من السيارة وانفجرت خلفهم، مما أدى إلى إصابة أفراد الحاشية الذين كانوا في السيارة المجاورة، وتناثرت الشظايا على المارة.

وبعد الانتهاء من حفل الاستقبال المخطط له في قاعة المدينة، أصر الزوجان الملكيان المتوتران على تغيير جدول أعمالهما وزيارة المستشفى للاطمئنان على أحد الضباط المصابين في الهجوم الصباحي.

وأعقب ذلك ارتباك بين السائقين في الموكب، إذ انطلقوا في الاتجاه الخاطئ، في الشارع الذي كان لا يزال المتآمرون موجودين فيه. وعندما دخل الموكب الملكي إلى شارع جانبي وتوقف للالتفاف، انتهز غافريلو برينسيب الفرصة، واقترب من سيارة الزوجين المفتوحة، وأطلق النار على كل من فرانز فرديناند وصوفي.

وانطلق سائق سيارة الزوجين مسرعاً للحصول على المساعدة الطبية وقد توفيت صوفي في الطريق وتوفي فرانز فرديناند بعد فترة وجيزة. وحاول برينسيب إطلاق النار على نفسه ولكن ألقي القبض عليه من قبل المارة، واعتقل كل المشاركين في العملية لاحقاً.

أُعفي برينسيب من عقوبة الإعدام بسبب صغر سنه، إذ كان يبلغ من العمر 19 عاماً، وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً، لكنه توفي بمرض السل في عام 1918.

اندلاع الحرب العالمية الأولى

أعقب عملية الاغتيال احتجاجات وأعمال شغب مناهضة للصرب في جميع أنحاء النمسا والمجر.

ورأى قادة إمبارطورية هابسبورغ أن مسؤولين من صربيا متورطون في الجريمة التي اعتبروها فرصة لاتخاذ إجراءات لإذلال صربيا، وبالتالي تعزيز مكانة النمسا والمجر في البلقان. وكانوا واثقين من دعم حليفتهم ألمانيا إذا قاموا بشن حرب ضد صربيا.

وفي 24 يوليو/تموز، أعلنت روسيا أنه لا ينبغي السماح للنمسا والمجر بسحق صربيا.

ومع دخول حلفاء كل طرف إلى ساحة المعارك، اندلع أحد أكثر الصراعات دموية في التاريخ، وقد عُرفت الدول المتحالفة مع إمبراطورية النمسا والمجر بدول المركز، فيما عُرفت الدول المتحالفة مع صربيا بدول الوفاق أو الحلفاء.

وتم إعلان الحرب في 28 يوليو/ تموز، بعد شهر من اغتيال فرانز فرديناند، وبدأت المدفعية النمساوية المجرية في قصف بلغراد في اليوم التالي. ثم أمرت روسيا بالتعبئة الجزئية ضد النمسا والمجر. 

وفي 30 يوليو/ تموز، وعندما كانت إمبراطورية والنمسا والمجر ترد على الإجراء الروسي، أمرت روسيا بالتعبئة العامة.

وفي 31 يوليو/تموز، أرسلت ألمانيا إنذاراً مدته 24 ساعة يطالب روسيا بوقف تعبئتها، كما أرسلت إنذاراً مدته 18 ساعة يطالب فرنسا بأن تتعهد بالحياد في حالة نشوب حرب بين روسيا وألمانيا. وتجاهلت كل من روسيا وفرنسا هذه المطالب. 

وفي الأول من أغسطس/ آب، أمرت ألمانيا بالتعبئة العامة وأعلنت الحرب على روسيا، كما أمرت فرنسا بالتعبئة العامة. 

في اليوم التالي، أرسلت ألمانيا قوات إلى لوكسمبورغ وطالبت بلجيكا بالسماح بحرية المرور للقوات الألمانية عبر أراضيها المحايدة. وفي 3 أغسطس/ آب أعلنت ألمانيا الحرب على فرنسا.

ساحات المعارك والسلاح

دارت معارك في فرنسا ولوكسمبورغ وبلجيكا، وهي الجبهات التي سُميت بالجبهة الغربية، وفي روسيا كانت الجبهة الشرقية. وكان هناك أيضاً قتال على الأرض في إيطاليا والشرق الأوسط وأجزاء من أفريقيا.

ودارت المعارك البحرية بشكل رئيسي في بحر الشمال والمحيط الأطلسي. وحاولت بريطانيا فرض حصار بحري لمنع ألمانيا من تلقي الإمدادات عن طريق البحر، كما استخدمت ألمانيا غواصات "يو" لمهاجمة السفن المُتجهة إلى بريطانيا.

وكانت الطائرات جديدة في ذلك الوقت حيث كانت هناك 3 أنواع مختلفة من الطائرات، طائرات الاستطلاع، والمقاتلات، وقاذفات القنابل.

وتم خوض العديد من المعارك فيما عُرف بحرب الخنادق حيث تم حفر خنادق طويلة في الأرض. وكان الجنود يعيشون في تلك الخنادق وكانوا يتسلقونها أحياناً للهجوم.

ومن الأمثلة الشهيرة على حرب الخنادق معركة السوم التي استمرت من يوليو/ تموز إلى نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1916 وقد قُتل أو جُرح أو فقد في تلك المعركة حوالي مليون جندي.

آثار الحرب العالمية الأولى

في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1918 انتهت الحرب بهزيمة إمبراطورية النمسا والمجر والدول المتحالفة معها. وقد كانت هذه الحرب غير مسبوقة تقريباً حيث المذابح والدمار التي تسببت فيه.

وتجاوزت الخسائر البشرية التي تكبدها المشاركون في الحرب العالمية الأولى تلك التي وقعت في حروب سابقة فقد توفي حوالي 8.5 مليون جندي نتيجة للإصابات والأمراض.

وكان العدد الأكبر من الضحايا والجرحى قد سقط بالمدفعية، تليها الأسلحة الصغيرة، ثم بالغاز السام وتسببت الحربة التي اعتمد عليها الجيش الفرنسي قبل الحرب كسلاح حاسم في خسائر قليلة.

وحدثت أكبر خسارة في الأرواح في يوم واحد في الأول من يوليو/ تموز من عام 1916، أثناء معركة السوم، عندما تكبد الجيش البريطاني أكثر من 57 ألف ضحية.

وتشير التقديرات إلى أن عدد القتلى المدنيين المنسوب إلى الحرب كان أعلى من الخسائر العسكرية، أو حوالي 13 مليوناً. وكانت هذه الوفيات بين المدنيين ناجمة إلى حد كبير عن المجاعة والمرض والمواجهات العسكرية والمجازر.

كما كانت الحرب العالمية الأولى واحدة من أهم نقاط التحول في التاريخ الجيوسياسي في القرن العشرين.

فقد حدثت ثورات في 4 من البلدان المتحاربة في عام 1918، وأدت هذه الحرب إلى سقوط 4 سلالات إمبراطورية (في ألمانيا، وروسيا، والنمسا والمجر، وتركيا).

وأسفرت الحرب عن الثورة البلشفية في روسيا، كما أدت إلى زعزعة استقرار المجتمع الأوروبي، مما أدى إلى إرساء الأساس للحرب العالمية الثانية.

المصدر : بي بي سي عربي

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر