- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
الإنترنت في إيران كان دائما موضوعا خلافيا بين مختلف تيارات السلطة في إيران من جهة، وفي الشارع الإيراني التواق إلى الحرية للوصول إلى الشبكة العالمية ومنصاتها من جهة أخرى.
معلوم أن الإنترنت محدود للغاية في إيران، ومعظم المواقع الاجتماعية محجوبة، وبالنظر إلى حاجة الناس اليومية للاتصالات، فقد احتل الأمر مكانة مهمة على قائمة وعود المرشحين الرئاسيين.
إلى ذلك، قطع المرشحون وعودا ضبابية بشأن "تعطيل الفلترة"، ولكن السؤال الملح: ما الذي يدور في ذهن كل من هؤلاء المرشحين؟ أو ما الذي يمكنهم فعله لتغيير الوضع في مجال الإنترنت؟
وترى إذاعة "فردا" الأميركية الناطقة بالفارسية في تقرير لها، أن هناك 3 مؤسسات حكومية دخيلة في الإشراف على الفضاء الافتراضي، وهي: وزارة الاتصالات، ولجنة الادعاء العام للفلترة التابعة إلى السلطة القضائية، والمركز الوطني للفضاء الإلكتروني.
ويعد دور الرئيس في ضبط وتغيير وضع الإنترنت محدودا، وبعض الوعود التي تم ويتم إطلاقها لا تستند إلى أسس قانونية.
لذلك، من يصبح رئيسا للجمهورية، ماذا يمكنه أن يفعل لتغيير وضع الإنترنت؟ ما هي الصلاحيات التي يتمتع بها؟ وما الوعود التي يمكنه تنفيذها؟
صلاحيات الرئيس في مجال الفضاء السيبراني
وبموجب القانون، فإن الرئيس في إيران هو رئيس المجلس الأعلى للفضاء السيبراني أيضا، وعلى الرغم من أن هذا المنصب شرفي، وأعضاء المجلس يتمتعون بحق التصويت المتساوي ويتم تعيينهم بشكل مباشر من قبل المرشد الإيراني، ولكن رئيس المجلس لديه سلطة تحديد محاضر الاجتماعات والقرارات، كما تحظى الحكومة التي يترأسها الرئيس بنصف الأصوات في لجنة الفلترة المؤلفة من 12 عضوا، مع وجود ستة وزراء ومساعد الرئيس في "لجنة الفلترة" بالسلطة القضائية.
لكن الأداة الأهم للحكومة للسيطرة على الإنترنت هي وزارة الاتصالات التي تحتكر استيراد الإنترنت في إيران عبر "شركة البنية التحتية للاتصالات"، وتقنن اللوائح التنفيذية، وتمنح التراخيص للقطاع الخاص.
إلى جانب وزارة الاتصالات، هناك سلطة لوزارة التعليم فيما يتعلق بالتعلم الإلكتروني، ووزارة الصحة والطب فيما يتعلق بالصحة الرقمية، ووزارة الصناعة والمناجم والتجارة ومعها البنك المركزي فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، ووزارة الثقافة والإرشاد فيما يتعلق بالمحتوى المعروض على الإنترنت، ومنظمة الشؤون الإدارية في مجال تطوير الحكومة الإلكترونية، والمعاونية العلمية في قطاع التكنولوجيا والابتكار، وهذه الجهات على صلة بالإنترنت ضمن قطاع الاتصالات في إيران.
وبالرغم من أن الرئيس ليس مقيدا كثيرا من الناحية الشكلية ويمكنه أن يلعب دورا مؤثرا في مجال الإنترنت ولكن يخضع نطاق صلاحياته لسيطرة المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني ولجنة الفلترة. وعلى هذا الأساس، ووفقاً لخلفية ومواقف المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية، من الضرورة مقارنة وعود المرشحين بشأن الإنترنت في إيران، وهنا نختار المرشحين الثلاثة الأوفر حظا للفوز بالكرسي الرئاسي.
محمد باقر قاليباف
إذا أصبح قاليباف رئيسا للجمهورية، لن يغير سياسات الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي في مجال الإنترنت والفضاء الافتراضي، بل سيسهل الإجراءات المتعلقة بالحد من الوصول إلى الإنترنت أيضا، فهو رئيس البرلمان الذي ألحق في دورته السابقة "مشروع الحماية" للإشراف على الفضاء الإلكتروني إلى المادة 85 من الدستور.
وخلال المناظرات وحملته الانتخابية تحدث هذا المرشح الأصولي المحافظ بصراحة عن التصدي "للتسيب في الفضاء الإلكتروني"، لذا سيواصل تطوير "شبكة المعلومات الوطنية" التي من المفترض أن تكون البديل عن الشبكة العالمية والتي تتميز بأداء منخفض ولكن تسهل على الحكومة السيطرة عليها.
سعيد جليلي
يذكر أن المتشددين من أنصار "مشروع الحماية" في مجال التحكم بالإنترنت في الدورة البرلمانية السابقة، وخاصة أعضاء اللجنة الثقافية في البرلمان، هم من المقربين لسعيد جليلي، ولهذه المجموعة أيضاً اليد العليا في البرلمان الحالي، وربما مع أو بدون رئاسة جليلي، سيتخذون خطوات أكثر جدية لتحويل مسودة "مشروع الحماية" إلى قانون بعد الانتخابات.
وللجنة الثقافية بالبرلمان ممثل في لجنة الفلترة، ونظرا لقرب هذه اللجنة من جليلي، فإنه إذا أصبح رئيسا، فمن المؤكد أنه سيكون له صوت أقوى في هذه اللجنة. أنصار جليلي، على عكس أنصار قاليباف، يعارضون الفلترة الذكية بل يريدون إغلاق الشبكة العالمية بالكامل ولعبوا دورا حاسما في فلترة إنستغرام وغوغل بلاي.
وتحدث جليلي بالعموميات حول الإنترنت في المناظرات وحديثه حول تطوير شبكة الإنترنت يتعلق بالشكبة الوطنية.
مسعود بزشكيان
بصفته نائباً في البرلمان فقد عارض المرشح الإصلاحي بزشكيان "مشروع الحماية"، وخلال المناظرات خاطب قاليباف وجليلي قائلا لهما إن قرار قطع الإنترنت صدر من المجلس الأعلى للأمن القومي وأنتما عضوان في هذا المجلس.
ويتعرض بزشكيان لانتقادات بسبب حضور وزير الاتصالات السابق محمد آذري جهرمي في حملته الانتخابية وهو متهم بالمساهمة في قطع الإنترنت خلال احتجاجات نوفمبر 2019 عندما كان وزيرا للاتصالات في حكومة الرئيس الأسبق حسن روحاني.
ووعد بزشكيان بحرية الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت ولكن بالرغم من ذلك فإن سياساته العامة بهذا الخصوص ليست واضحة.
وبسبب حضور الوزير السابق للاتصالات كأبرز شخصية بعد محمد جواد ظريف في حملته الانتخابية ثمة قلق كبير إزاء تكرار السياسات السابقة في مجال الإنترنت.
وخلال احتجاجات 2019 قال آذري جهرمي إنه لن يلمس زر الفلترة، ولكن انقطع الإنترنت آنذاك وكانت أحلك فترة للإنترنت في إيران.
وهو متهم بالسماح للأجهزة الأمنية بالتجسس والتنصت على المواطنين آنذاك، عندما كانت الاحتجاجات على مستوى البلاد في ذروتها وقام بتنفيذ قرار المجلس الأعلى للأمن القومي الداعي لفلترة منصتي تليغرام وتويتر سابقا.
ويعمل المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني بشكل مباشر، وبمعية لجنة الفلترة في معاونية الفضاء الإلكتروني التابعة لمكتب المدعي العام، على تحقيق أهداف وخطط السلطات الأعلى من سلطة رئيس الجمهورية في هذا المجال.
ونظرا لأن مؤسسات من هذا القبيل تمتلك الحصة الرئيسية في أهم شركات البنية التحتية ومشغلي الإنترنت في إيران، فإن هذا المجال يعد أحد أماكن توليد الدخل الرئيسية للمؤسسات الخاضعة لإشراف المرشد الأعلى الإيراني حسب تقرير إذاعة "فردا".
وفي مثل هذا الوضع فإن المرشحين للرئاسة إما يعتبرون أنفسهم عملياً جزءاً من هذه السياسات ومكلفين بتنفيذها، أو يعتبرون أنفسهم مجبرين على تنفيذها.
من الواضح، إذا فاز قاليباف سيواصل الوضع الراهن مع بعض التغييرات في المجالات الفرعية، ولكن سعيد جليلي ضد الفلترة الذكية تماما ويرنو إلى قطع الوصول إلى خدمات الشبكة العالمية قدر الإمكان، ومن المتوقع أن يحاول بزشكيان في حال فوزه منح المزيد من الحريات للوصول إلى الإنترنت، وسيبدأ صراع بينه وبين المؤسسات التي لا تخضع لسلطة الرئيس في هذا القطاع.
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر