- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
خطة حكومية لتضميد جراح العملة الوطنية وهذه أولى الخطوات
2024/02/29
الساعة 08:51 صباحاً
(المنارة نت .متابعات)
تحاول الحكومة الشرعية برأسها الجديد الدكتور أحمد بن مبارك لملمة موارد الدولة، وتضميد جراح العملة الوطنية، وإنعاش اقتصاد البلاد، حيث أقرت اجراء أولى عملياتها الجراحية في منافذ البلاد البرية والبحرية والجوية والتي تشكل 30% من اجمالي موازنة الحكومة.
ورغم التحديات والعراقيل التي قد تواجه خطة الحكومة إلا أن ضبط مورد رئيسي كـ "الضرائب والجمارك" هدف يستحق مواجهة التحديات مهما كان حجمها.
وتقول دراسة بحثية أن الحكومة تعاني من تسرّب مالي كبير في آلية تحصيل الرسوم الجمركية، حيث يتم تحصيل 30 إلى 40% فقط من الرسوم المستحقة للحكومة، في حين يتم نهب الجزء المتبقي.
هيكلة المنافذ
دشن مجلس الوزراء الخميس الماضي معركته في ضبط منافذ البلاد، وتعزيز عملية توريد الأموال الى خزينة البنك المركزي، حيث أقر المجلس جملة من الاجراءات قال إنها تهدف إلى معالجة الاختلالات في المنافذ البرية والبحرية وتصحيح المخالفات القائمة، وذلك بناء على تقرير اللجنة الوزارية المكلفة بتقييم الاختلالات في تلك المنافذ برئاسة وزير الدفاع.
المجلس وجه كافة الجهات ذات العلاقة وهي الدفاع والمالية والزراعة والثروة السمكية والداخلية والصناعة والتجارة والنقل والمياه والبيئة ورئيسي جهازي الامن السياسي والقومي وجميع رؤساء الجهات الحكومية الأخرى التي يوجد لها فروع في المنافذ البرية والبحرية، بإجراء عملية التدوير الوظيفي الفوري لكافة القيادات والموظفين العاملين في فروعهم وفروع الجهات التابعة لهم بالموانئ البرية والبحرية وفقا للأنظمة والقوانين النافذة، وحدد مهلة شهر كحد أقصى لتنفيذ هذه المهمة.
ووجه المجلس بالالتزام بالعمل في المنافذ البرية من خلال بوابة رسمية واحدة للدخول من الدول المجاورة إلى أراضي الجمهورية واغلاق جميع البوابات غير الرسمية، وهو ما يعني إغلاق المنافذ غير الرسمية التي تُستخدم لتهريب البضائع والوقود وغيرها التي يجني النافذون عائداتها.
ووافق المجلس على مشروع قرار بشأن معالجة الاختلالات في الجوانب العسكرية والأمنية في المنافذ، وألزم وزيري الدفاع والداخلية ورؤساء الأجهزة الأمنية المعنية بإسناد حراسة وحماية المنافذ البرية والبحرية إلى قوات امنية متخصصة بحسب القانون.
يقول الصحفي والخبير الاقتصادي "محمد الجماعي"، "أن الخطوة جيدة، ولعل الحكومة استفادت كثيرا من توقف تصدير النفط وسابقا الغاز المسال، الأمر الذي دفعها لإصلاح الأوعية الضريبية والجمركية والبحث بجدية عن إيراداتها المفقودة وغير المستغلة من قبل بسبب اتكالها على عائدات النفط والغاز".
وفي حديث لـ"يمن شباب نت" أضاف الجماعي " من وجهة نظري فإن الخطوة وإن جاءت متأخرة فهي تشير إلى جدية ورغبة حكومية في الانتقال إلى الاقتصاد الإنتاجي بدلا من الاقتصاد الريعي من جهة، ومن جهة أخرى تشير إلى الوضع السيء لخزينة الحكومة، وكلا الأمرين يشكلان دافعا قويا لاتخاذ مثل هكذا قرار، خاصة إذا ما أضفنا إليهما التحولات التي تشهدها المنطقة البحرية المحيطة، سواء قرصنة الحوثي في البحرين الأحمر والعربي، أو تدشين خط الحرير الصيني ووصول أولى السفن إلى ميناء عدن، سيما وقد حصلت الأخيرة على امتياز تفتيش السفن التجارية القادمة إلى الموانئ اليمنية مطلع يناير الفائت".
ايرادات مهدرة
تُعد الإيرادات الضريبية والجمركية مصدرا هاماً للإيرادات الوطنية، حيث شكلت حوالي 30% من إيرادات الحكومة في عام 2022، مقارنة بـ 58% لحصة إيرادات النفط والغاز.
ويعد معدل تحصيل الضرائب في اليمن من بين الأدنى على مستوى العالم، نتيجة ضعف الامتثال للقوانين الضريبية حتى منذ ما قبل اندلاع الصراع، وبحسب "مركز صنعاء للدراسات" فقد بلغ متوسط الإيرادات الضريبية المحصلة للفترة 2008-2013، 6.68% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، حيث أدى الفساد وسوء الإدارة إلى خسارة حوالي 4.7 مليار دولار أمريكي بصورة ضرائب غير محصلة، حيث لم يتجاوز عدد دافعي الضرائب المسجلين بحلول عام 2013، سوى 3080 وهذا الرقم يظل ضئيلا في بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 25 مليون نسمة.
ويتخذ التهرب الضريبي أشكالاً عدة، حيث يلجأ معظم رجال الأعمال إلى تسجيل أرباح أقل مما يحققونه على الواقع بهدف دفع ضرائب أقل، أو دفع رشاوى لجُباة الضرائب مقابل خفض وعاء الدخل الخاضع للضريبة، أو المراوغة في العملية وتجنب دفع أي ضرائب.
وبحسب دراسة نشرها "مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية" العام الماضي تنتشر ظاهرة التهرب الضريبي غالباً بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث لا تتجاوز الضرائب المحصلة من تلك الشركات نسبة 5% من إجمالي الإيرادات الضريبية، على الرغم من أنها تُمثل جزءا كبيرا من النشاط الاقتصادي باعتبار أن 99.6% من الشركات في اليمن هي صغيرة أو متوسطة.
وأدت هذه المشاكل إلى تفاقم مواطن الخلل القائمة منذ فترة طويلة في تحصيل الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب، بما في ذلك ظهور أوجه عدة من الفساد واستشرائه في المكاتب الحكومية المُدرجة تحت الهيكل التنظيمي لمصلحة الضرائب التابعة للحكومة، الأمر الذي يشجع دافعي الضرائب على عدم الامتثال بالقوانين ويحرم الحكومة من مصدر إيرادات كبير.
وأوضحت الدراسة أيضا أن هناك تسرّب مالي كبير في آلية تحصيل الرسوم الجمركية، حيث يتم تحصيل 30 إلى 40% فقط من الرسوم الجمركية المستحقة للحكومة، في حين يتم نهب الجزء المتبقي نتيجة ممارسات الفساد والافتقار إلى آليات لرصد عملية تحصيل الرسوم الجمركية وكذلك إلى الكوادر المؤهلة بشكل كاف في مراكز التخليص الجمركي.
كما أدت ظروف الصراع وعدم دفع رواتب القطاع العام إلى تفاقم هذه القضايا، كما نصب أفراد الجيش والأمن نقاط تفتيش خاصة بهم وفرضوا رسومًا غير قانونية كمصدر إضافي للإيرادات.
يؤكد المركز في دراسته (التحديات أمام تنمية مصادر الإيرادات العامة في اليمن) أن القدرة المحدودة للحكومة وعجزها الإداري، إلى جانب الاحتياجات الأكثر إلحاحًا التي ولّدها النزاع، ألقت بظلالها على الزخم لإدخال إصلاحات.
ويمتلك اليمن عدد من أهم المنافذ البحرية على مستوى العالم، حيث يحظى الساحل اليمني البالغ امتداده أكثر من ٢٥٠٠ ميل بحري، وعدد من الموانئ التي تبدأ بميناء ميدي مرورا بمينائي الصليف والحديدة، وهذه موانئ تخضع لسيطرة المليشيات الحوثية، مرورا بمينائي المخا وعدن الذين يقعان تحت سيطرة الحكومة الشرعية بالإضافة إلى مينائي المكلا ونشطون في حضرموت والمهرة على التوالي، فضلا عن موانئ التصدير النفطي والغازي في بلحاف وأبيار علي في شبوة، ومينائي النشيمة والضبة الواقعان في حضرموت".
وترتبط اليمن بمنافذ برية مع كل من السعودية وعمان، اثنان منهما معطلان بفعل سيطرة الحوثي عليهما، وهما الطوال والبقع، واثنان منهما يعملان بشكل جيد ويقعان ضمن سلطة الحكومة الشرعية، وهما الوديعة وشحن".
عراقيل متوقعة
ويرى مراقبون أن ضبط المنافذ وتوحيد وعاء الضرائب والجمارك ملف شائك، سيواجه تحديات وعراقيل واسعة ومتشابكة نتيجة حجم المصالح التي تشكَّلت خلال السنوات الماضية لعناصر وشخصيات مرتبطة بالشرعية ذاتها، أو لشخصيات اجتماعية، خصوصا المنافذ التي تسيطر عليها عناصر وقوات تابعة للمجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات.
يقول الصحفي "عمار محمد" إن توجيهات الحكومة بهيكلة أو إجراء تدوير وظيفي في المنافذ قد لا تستجيب له العناصر المحسوبة على المجلس الانتقالي، مثل تلك التي تدير ميناء عدن والتي قد تلجأ إلى موقف معارض لقرارات الحكومة، مرجحا أن وجود وزيرا الدفاع والداخلية على رأس اللجنة بمعالجة المنافذ قد يؤثر إيجابا على استجابة كل الأطراف في التي لها علاقة بالمنافذ.
وفي حديث مع "يمن شباب نت" قال "عمار" إن وحدة قرار أعضاء مجلس القيادة هو الداعم الرئيسي لرئيس الوزراء أحمد بن مبارك، وموافقة الجميع على الخطوات التي يتخذها سيساعد الرجل كثيرا في وقف تدهور العملة، ومعالجة ولو بشكل نسبي الاقتصادي الوطني.
يؤكد الصحفي الجماعي أنه" يقع على الحكومة وهي في وضع كهذا أن تحكم قبضتها على موانئها البرية والبحرية وفقا لإعلانها الأخير والمتضمن أيضا الموانئ الجوية، حيث أن جميع مطاراتها معطلة تماما باستثناء أربعة مطارات، إحداها تسيطر عليه المليشيات الحوثية وهو مطار صنعاء وتحت سلطته يتم التحكم بخط الملاحة الجوي للجمهورية اليمنية، ولعل الإشارة المهمة في القرار هي نية الحكومة في استعادة هذا الامتياز ووضعه تحت سلطتها، لتتمكن من تسيير الرحلات في مطاري عدن وسيئون والمخا حديثا، ولاحقا المكلا (متوقف) وبقية المطارات المتوقفة: تعز، عتق، المهرة، الحديدة والأخير تحت سلطة المليشيات".
وأشار الجماعي الى أن بعض التهديدات والتحديات التي قد تواجه الحكومة أهمها، "تحرير ما تحت سيطرة المليشيات، سواء شمالا أو جنوبا، بالإضافة إلى القدرات التشغيلية الفاقدة والمعطلة، وكذا لوبيات الفساد المعرقلة وبعض السلطات المحلية التي تحول دون وصول الموارد إلى البنك المركزي ويقومون بتبديدها في بنود وهمية".
*نقلا عن يمن شباب نت
أخترنا لكم
اختيارات القراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر