الرئيسية - تحقيقات وحوارات - هجمات الحوثي في البحر الأحمر تهدد حياة الصيادين اليمنيين وتضاعف معاناتهم وتلحق خسائر فادحة بالاقتصاد الوطني
هجمات الحوثي في البحر الأحمر تهدد حياة الصيادين اليمنيين وتضاعف معاناتهم وتلحق خسائر فادحة بالاقتصاد الوطني
الساعة 02:18 مساءاً (تحقيق /المنارة نت)

تسببت هجمات مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، المتصاعدة على السفن في البحر الأحمر وباب المندب، في انتشار العديد من القوات الأجنبية في البحر لحماية السفن من تلك الهجمات، مما جعل حياة الصيادين اليمنيين في خطر وضاعف من معاناتهم واسرهم، والحقت خسائر فادحة بالاقتصاد الوطني.

وأصبح الصيادون اليمنيون، الذين يمثل البحر لهم مصدر رزقهم الرئيسي، يعيشون في خوف وهلع ومعاناة غير مسبوقة، جراء التصعيد العسكري الذي يشهده الممر الملاحي للبحر الأحمر، ويتطلعون للمستقبل بقلق في ظل عدم وجود حلول في الأفق لإنهاء تبادل القصف الصاروخي بين جماعة الحوثي الإرهابية وقوات أمريكية وبريطانية.

وتشن جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة في البحر الأحمر على السفن منذ منتصف نوفمبر تشرين الثاني العام الماضي، تحت مزاعم التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة، مستغلة بذلك التعاطف الشعبي اليمني والعربي والإسلامي مع سكان قطاع غزة الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية أدت إلى فرار معظم سكانه تقريبا من منازلهم بسبب ما يتعرض له القطاع  من حرب وحشية وحصار خانق من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وترد الولايات المتحدة وبريطانيا بغارات جوية دقيقة على أهداف لمليشيات الحوثي منذ منتصف يناير كانون الثاني بهدف إعادة الاستقرار للممر الملاحي الذي تحولت عنه الكثير من شركات النقل البحري الدولية ووجهت سفنها نحو طريق أطول وأكثر تكلفة حول قارة أفريقيا.

وقال غازي لحمر وكيل وزارة الثروة السمكية اليمنية لقطاع الإنتاج والتسويق السمكي في عدن إن تصاعد الأحداث في البحر الأحمر زاد الأوضاع سوءا بالنسبة لأنشطة الصيد في اليمن والقطاع السمكي بشكل عام، لتضع المزيد من الأعباء على كاهل الصيادين الذين يعانون من انحسار أعمالهم وتضرر موانئ الصيد والقوارب بفعل الحرب الحوثية التي تدمر وتمزق البلاد منذ تسع سنوات.

وأوضح لحمر لوكالة رويترز، إن أنشطة القطاع السمكي منيت بأضرار كبيرة ودمار شبه كامل للبنية التحتية بسبب الحرب، وتفاقم الوضع مع اندلاع التوتر في البحر الأحمر، مما زاد المخاوف على أرواح الصيادين وتعرضهم للخطر.

وباتت حركة آلاف الصيادين المحدودة قرب الشواطئ اليمنية مشوبة بالحذر والخوف مع انتشار البوارج والقطع الحربية الغربية في مياه البحر الأحمر، مما أثر على مناطق الصيد في محافظات اليمن الشمالية الغربية مثل الحديدة وحجة ومناطق المخاء وذباب وباب المندب.

وتشكل عائدات الصادرات السمكية مصدرا مهما لدخل اليمن من العملات الأجنبية، والقطاع السمكي من القطاعات الإنتاجية المهمة في اليمن إذ يحتل المركز الثاني في الناتج المحلي الإجمالي بعد النفط.

وتشير التقديرات والبيانات الرسمية إلى أن إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية كان يبلغ سنويا حوالي 200 ألف طن قبل إشعال مليشيات الحوثي الحرب مطلع عام 2015، إذ كان يتم تصدير ما بين 40 إلى 50 بالمئة من هذا الإنتاج، وكان يدر عائدات تقدر بحوالي 300 مليون دولار، غير أنه ومنذ اندلاع الحرب انخفض حجم الإنتاج للنصف نتيجة نزوح الصيادين والعاملين في القطاع السمكي.

إنشاء غرفة عمليات 

وتقول السلطات اليمنية المعترف بها دوليا إنها تنسق في الآونة الأخيرة عبر وزارة الثروة السمكية مع قوات خفر السواحل لإنشاء غرفة عمليات مشتركة ووضع آلية عمل لضمان سلامة الصيادين في البحر الأحمر وخليج عدن وتنظيم دخول وخروج الصيادين أثناء رحلاتهم وتتبع تنقلاتهم بين المحافظات الساحلية بهدف حمايتهم وسبل حفظ الأمن والسلامة البحرية.

ويمتلك اليمن شريطا ساحليا يبلغ طوله أكثر من 2500 كيلومتر على امتداد البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، غني بالأسماك والثروة البحرية.

ازدياد المخاوف

قال خالد الزرنوقي رئيس جمعية الصيادين في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة إن الآلاف من الصيادين في المديرية توقفوا عن نشاط الصيد بسبب الخوف من الهجمات في البحر الأحمر.

وأضاف أن مخاوف الصيادين زادت بعد العثور أواخر الشهر الماضي على ثمانية صيادين من سكان الخوخة غربي البلاد، وآثار طلقات رصاص على أجسادهم بعد أسبوع على انقطاع أخبارهم، وبعد أيام من إغراق البحرية الأمريكية ثلاثة زوارق تابعة للحوثيين.

وأكد أن التصعيد العسكري مؤخرا أثر كثيرا على أحوال الصيادين وأسرهم، خاصة أن سكان الخوخة أغلبهم يمارسون مهنة الصيد لإطعام أسرهم الجائعة.

ويبلغ عدد سكان الخوخة الواقعة على بعد 163 كيلومترا جنوب مدينة الحديدة قرابة 200 ألف نسمة، وتعد من أكثر المناطق الساحلية التي تأثرت بالتصعيد الجاري في البحر الأحمر، لكن بدرجة أقل من مدينتي المخا المجاورة وميدي.

جوع وعوز 

ويؤكد سعيد علي التهامي (48 عاما) صياد السمك في مدينة الخوخة إنه كان يخاطر بحياته “من أجل الصيد الذي اعتمد عليه في إطعام أسرتي” وسط الرياح الشديدة والأمواج العاتية لكن مع التصعيد العسكري وانتشار البوارج الحربية فضل عدم المغامرة بحياته ومعه كثير من زملائه.

وقال التهامي “نعاني من الجوع والعوز. نريد أن يتوقف هذا التصعيد غير المسبوق بالبحر لنعود لممارسة الصيد، مصدر رزقنا الوحيد". 

وأضاف "اليوم بالكاد يحصل الصياد على قوت يومه لإطعام أسرته، حيث نتحرك باستعجال في موازاة الساحل طولا بدلا من التوغل إلى العمق، لوقت محدود لصيد كميات صغيرة من السمك، ونعود إلى البيوت خوفا من الصواريخ”.

لكن الوضع يبدو أفضل قليلا في السواحل المطلة على خليج عدن إذ يقول الصياد رشيد عزار (45 عاما) في منطقة فقم غرب عدن لرويترز إن المخاطر التي يواجهها الصيادون في منطقة خليج عدن أقل بنسبة 50 بالمئة قياسا بما يعانيه الصيادون في البحر الأحمر.

وتابع “أصبحنا لا نغامر في ركوب القوارب والتوغل في العمق في منطقة البحر الاحمر كما كان بالسابق لجلب أنواع محددة من الأسماك، فقد نعود إلى الشاطئ الذي ذهبنا منه أو تلتهمنا الصواريخ ونموت”.

ويمثل سمك التونة أبرز الأنواع التي تعتمد عليها غالبية الأسر  ذات الدخل المتوسط والمحدود كوجبة رئيسية نظرا لأنه أقل سعرا.

مطاردة الصيادين

وقال عزار إن غالبية الصيادين كانوا يستخدمون هواتف الثريا المتصلة بالأقمار الصناعية لكن حاليا توقف الجميع عن استخدامها بسبب التقاط البوارج الحربية لأي اتصالات ومطاردة الصيادين وملاحقتهم أحيانا واستهدافهم.

وتعد الحديدة، إحدى أهم المدن اليمنية الحيوية حيث يوجد فيها ثلاثة موانئ، الحديدة والصليف ورأس عيسى، على سواحل البحر الأحمر، وتقع ضمن امتداد ميناء المخاء التاريخي، في الساحل الغربي اليمني، وقريبة من خطوط الملاحة الدولية، وتعد ثاني أكبر محافظة من حيث عدد السكان.

وتسيطر مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، على معظم مناطق شمال اليمن ذات الكثافة السكانية العالية بعد مرور اكثر من تسع سنوات على الحرب في مواجهة الجيش الوطني وتحالف تقوده السعودية.

خسائر يمنية وعربية متصاعدة

وتحولت أكثر من 500 سفينة حاويات تعد ربع سعة شحنات العالم عن البحر الأحمر، وسط خسائر تتصاعد يمنيا وعربيا ومناشدات بتوقف مليشيات الحوثي عن استهداف السفن، وتقديرات ترى أن العالم أكثر تضررا من إسرائيل.

ويؤكد خبراء، بأن الحوثيين، أطلقوا رصاصة في الاتجاه الخاطئ، لم تصب الاحتلال الإسرائيلي بخسائر كبيرة كما تكرر البيانات الحوثية، ولكنها أصابت اليمن ذاته ودولا عربية وإقليمية كبرى، بأزمات نقص في العملة وارتفاع أسعار وسط تضخم كبير عالمي يلوح في الأفق، وفق لغة الأرقام.

أضرار فادحة

ومن الأضرار الفادحة التي تسببت بها هجمات مليشيات الحوثي على السفن في البحر الأحمر وباب المندب نورد التالي:

- ارتفاع أسعار تكلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 170% مع توجه شحن حاويات لتعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر، وبالتالي ارتفاع الأسعار في اليمن وعدد من دول المنطقة العربية.

- تعرض قطاع الثروة السمكية في اليمن لخسائر كبيرة، وقطع مصدر دخل معظم الصيادين اليمنيين.

- تضرر حركة الملاحة فى قناة السويس المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية في مصر التي تشهد أوضاعا اقتصادية صعبة، بانخفاض نحو 30% فى الفترة من 1 إلى 14 يناير 2024.

- انخفض دخل قناة السويس بنسبة 40% عن نفس الفترة مقارنة بمثيلتها العام الماضى، بانخفاض عدد السفن المارة من 777 سفينة إلى 544 سفينة فى الفترة نفسها.

- تراجع فى التجارة العالمية بنسبة 1,3% خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2023.

- اضطرت حكومات عربية لاتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة تداعيات الأزمة بينها الحكومة الأردنية خشية الآثار التضخمية المحتملة على السوق المحلية.

- ووفق وكالة "بلومبيرغ"، فإن الهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار وعمليات الاختطاف ضد السفن المدنية في البحر الأحمر أسفرت عن أكبر عملية تحويل لمسار التجارة الدولية منذ عقود، ما رفع تكاليف شركات الشحن في أماكن بعيدة على غرار آسيا وأميركا الشمالية. وتواصل الاضطرابات الانتشار مما يفاقم مخاوف حدوث تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً.

- اصبحت أكثر من 500 سفينة حاويات كانت تبحر في العادة عبر البحر الأحمر من وإلى قناة السويس، وتحمل كل شيء بداية من الملابس والألعاب إلى قطع غيار السيارات، مضطرة لإضافة أسبوعين لمسار سفرها حول رأس الرجاء الصالح بالجزء الجنوبي من أفريقيا، بحسب شركة "فليكسبورت". ويشكل هذا ربع سعة شحن الحاويات في العالم تقريباً، بحسب منصة الخدمات اللوجستية الرقمية.

"المنارة نت" + "رويترز"

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص