الرئيسية - تحقيقات وحوارات - الناشطة فاطمة سيلان: المرأة اليمنية قدمت أنموذجًا يحتذى به وواجهت بشجاعة تداعيات حرب الحوثي
الناشطة فاطمة سيلان: المرأة اليمنية قدمت أنموذجًا يحتذى به وواجهت بشجاعة تداعيات حرب الحوثي
الساعة 01:42 صباحاً (المنارة نت/ أمة الغفور السريحي)

- ميليشا الحوثي تنظر للمرأة نظرة قاصرة ومتطرفة وتعمل على تتقيد حريتها وحركتها
 
- المليشيا حولت المرأة إلى قاتلة مستأجرة ومدججة بالأسلحة ضمن عصاباتها الطائفية
 
- ميليشا الحوثي لم تترك أي فرصة للمرأة للنجاة والعيش بحرّية وكرامة
 
- خطاب الحوثي متطرف وفيه ازدراء ودونية للمرأة كما أنه يحرض ضدها
 
- الحرب الحوثية أفقدت المرأة كل ما كانت قد حققته من مكاسب منذ قيام الجمهورية
 
- الكثير من اليمنيات مغيبات في السجون وتعمل المليشيا على ابتزازهن وتجنيدهن
 
- المرأة اليمنية شاركت في إسناد معركة استعادة الدولة وأثبتت أنها معطاءة رغم قساوة الظروف
 
- تعمل المرأة  إلى جانب الرجل في مواجهة تداعيات الحرب وتسعى إلى استعادة الدولة وإحلال السلام
 
- أثبتت المرأة أنها قادرة على مواجهة فكر الحوثي الدخيل على مجتمعنا وأخلاقنا وقيمنا الأصيلة
 
أكدت التربوية والناشطة المجتمعية فاطمة سيلان، أن المرأة اليمنية قدمت خلال السنوات الثمان الماضية أنموذجًا يحتذى به في التحدّي ومواجهة الصعاب التي أعقبت الانقلاب على الشرعية الدستورية وانتهاكات مليشيا الحوثي الإرهابية المتصاعدة ضد النساء منذ أواخر عام 2014.

وقالت سيلان، في حوار مع الزميل "العاصمة أونلاين" إن المرأة اليمنية عملت إلى جانب الرجل في مواجهة تداعيات الحرب وفي السعي لاستعادة الدولة وإحلال السلام، وتتطلع لأن تنال حقها في المشاركة بصناعة القرار وإدارة المناصب العليا في القطاعات الحكومية، كونها أثبتت قدرتها وتفانيها ونشاطها في مختلف المجالات، وكانت في جميعها أهلاًّ للثقة وقادرة على القيادة وتحقيق النجاح.

وفاطمة أحمد علي سيلان، تربوية وناشطة اجتماعية حاصلة على البكالوريوس، تتولّى حالياً منصب المدير التنفيذي للمنظمة الإنسانية للمرأة والطفل، وكانت سابقاً موجهة تربوية في مكتب التربية والتعليم.
 
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته معها الزميلة أمة الغفور السريحي:

*في البداية أشكرك أستاذه فاطمة، على إتاحة الفرصة لنا لإجراء الحوار معك بالتزامن مع اليوم العالمي المرأة، وبهذه المناسبة أهنئك مجدداً وأتمنّى لك الخير والسعادة والسلام في كل عام.

- مرحباً بك، وأهنئك أيضاً وجميع نساء اليمن وكل نساء العالم بهذه المناسبة (اليوم العالمي للمرأة).

*كيف تستقبل المرأة اليمنية يومها العالمي في ظل ما تعانيه جراء الحرب والانقلاب الحوثي وما تواجهه من استهداف ممنهج طال حياتها وحريتها الشخصية ومعيشتها اليومية؟

- يأتي هذا اليوم مجدداً والمرأة اليمنية تعيش الألم وتحمل الأمل في ذات الوقت؛ ولقد أثبتت دائماً أنها تحمل روحًا قوية، ولديها قوّة صبر وجلد تواجه من خلالها كل التحدّيات والصعاب.

وطوال هذه السنوات من الحرب والمعاناة التي تعيشها المرأة باتت تحلم بحياة مستقرة بعيداً عن الهموم والضغوطات النفسية التي تمر بها، خصوصاً المرأة التي أفقدتها الحرب معيلها وأصبحت الآن أم شهيد أو جريح مختطف أو زوجة شهيد أو معاق أو مختطف، ومع هذا كله تتحمل تبعات هذه الحرب المستمرة بروح عصامية.

ومن خلال زياراتنا الميدانية إلى المخيمات نشاهد حجم المعاناة والألم التي تعيشها مئات النساء، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة. لو أحدثك عن نموذج مما رأيناه ستجدين نفسك أمام الدهشة والألم في نفس الوقت تتألمين من الوضع الذي وصلت إليه المرأة اليمنية جراء هذه الحرب المستعرة، وتندهشين من قوّة صبرها وتحمّلها.

نزور امرأة إلى خيمتها ونجدها إلى جوار زوجها الذي أصبح معاقًا حركياً، ولديها من أولادها من يعاني إعاقة سمعية وبصرية وليس لديها دخل أو ما تُعيل به أسرتها ومع ذلك تستقبلك بقلب راضي ووجه مبتسم كنموذج للمرأة اليمنية القوية التي تكافح من أجل البقاء.

ورغم الظروف القاسية تحرص هذه المرأة على تعليم أبنائها، وإن لم تستطع دفع تكاليف الدراسة تكون هي المعلمة والمربية وصانعة الأجيال.

وبصراحة أجد نفسي عاجزة عن الحديث عن شجاعة المرأة اليمنية وصلابتها في مواجهة تداعيات الحرب، فهي بكل العبارات والمقاييس تقدم أنموذجًا يحتذى به.

*كيف تنظرين إلى وضع المرأة اليمنية قبل وبعد الحرب؟ 

- قبل الحرب كان هناك شبه استقرار للمرأة، وإن كانت حقوقها مهضومة إلى حدٍ ما وخصوصاً في الجانب القيادي والمناصب العليا، إلا أنها كانت قد قطعت شوطاً كبيراً في نيل حقوقها الأساسية في مختلف المجالات، وكانت تصنع الفرص وتفرض نفسها حتى جاءت الحرب الحوثية ودمرت كل شيء.

الحرب الحوثية أفقدت المرأة كل ما كانت قد حققته من مكاسب منذ قيام الجمهورية، وجعلتها تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة، وأغرقتها في الصراع اليومي لمواجهة الوضع المتدهور مع توسع الفقر والبطالة وارتفاع نسبة النزوح إلى مستويات قياسية.

وإضافة إلى ذلك، أحدثت هذه الحرب انعكاسات نفسية وأسرية واجتماعية على المرأة ومحيطها وهي مشكلة تزداد توسّعاً وسوءاً منذ الانقلاب الحوثي.

*،عن تعامل الحوثي مع المرأة بعد انقلابها على الشرعية ماذا تقولين في هذا الجانب؟

- الحوثي همش المرأة، وينظر إليها على أنها امرأة فقط للإنجاب، ويعمد لأخذ فلذة كبدها وهو طفل ويدفع به للجبهات وتعيده لها جثة هامده في صندوق أو في حالة نفسية تصل حد الجنون فيعمد إما لقتل أمه أو أبوه، وتشاهدون هذه القصص المأساوية التي تصاعدت بشكل مخيف خلال السنوات الأخيرة.

كما أن الكثير من الأسر لم يعد الحوثيون أبنائهن ولا تعرف شيئاً عن مصيرهم، أهم أحياء أم أموات، ولم يترك الحوثي أي فرصة للمرأة للنجاة والعيش بحرّية وكرامة، فقد استهدف الأحياء السكنية في المدن التي تقع خارج سيطرته، بل واستهدف حتى الأسر النازحة بالصواريخ والطائرات المسيّرة المفخخة وتسبب بضحايا معظمهم أطفال ونساء.

ولهذا تعيش المرأة اليمنية مأساة حقيقية، وهذا هو نهج الحوثي يسعى لجعل المرأة كما يريد في خدمة حروبه الطائفية، لا كما يريد الإسلام الذي وضع مكانة مقدسة للمرأة فعززها وكرمها وجعلها نصف المجتمع بل هي المجتمع ككل. وكما قال شاعر العرب: "الأم مدرسةً إذا أعددتها .. أعددت شعباً طيب الأعراق".

* برأيك أين تكمن مقاومة المرأة للانتهاكات الحوثية المستمرة بحقها؟

- كما أسلفت المرأة واجهت تداعيات الحرب ككل بشجاعة، إلا أن الحوثي بآلته الحربية والدعائية جعل المرأة سلعة وسيرها كيفما يشاء، سلبها حقها في المشاركة والتعبير بحرية، وهذا يعود في معظمه لجهل المرأة بحقوقها.

فالحوثي ألغى كل مظاهر الحرية، وزج بالكثير من النساء والناشطات والحقوقيات والصحفيات في الزنازين، ويتعرضن للتعذيب الجسدي والنفسي في ظل غياب وسائل الإعلام ودور منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية.

وعموماً، المرأة اليمنية يا عزيزتي تعيش أسوأ الظروف، لم يحدث في تاريخ اليمن أن تختطف المرأة من بيتها أو من مكان عملها أو من الشارع وتلفق لها التهم الكيدية، وتتهم في شرفها وعرضها حتى لا يستطيع أحد الدفاع عنها أو البحث عنها إلا في عهد المليشيا الحوثية.

هناك الكثير من النساء مغيبات في السجون لا يعرف مكانهن وتعمل المليشيا على ابتزازهن وتجنيدهن للعمل معها في أعمال عسكرية وأمنية خطرة، وتفرض عليهن هذا بالقوة تحت التعذيب وأساليب الابتزاز والتهديد.

* ماذا عن دور المرأة في معركة استعادة الدولة وإسهاماتها في جهود إحلال السلام؟

- لا شك أن للمرأة دوراً عظيماً في كل المجالات، فهي عصب المجتمع، ومعلمة الأجيال، فهي في الميدان طبيبة تداوي الجراح، وفي المنزل والمدرسة معلمة ومربية فاضلة، وفي الأسرة والمجتمع هي من تعطي دون أن تنتظر من أحد شكرها على تقوم به، وهي في كل ذلك تقف بكل قوّتها خلف ابنها أو زوجها أو قريبها الجندي أو القائد في معركة استعادة الدولة من قبضة عصابات الموت.

ولقد ضربت أعظم الأمثلة في إسناد معركة استعادة الدولة والدفاع عن النظام والقانون، وفي مواجهة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وبرزت في المبادرات التطوعية باذلة جهدها وممتلكاتها الثمينة، لتثبت أنها معطاءة بلا حدود ورغم قسوة الظروف.

وبالتزامن مع ذلك، برزت كقوّة فاعلة في مسارات إحلال السلام وداعمة لجهود إحلال السلام الشامل والعادل الذي يضمن حقوق كافة شرائح المجتمع ويجرّم انتهاك خصوصيات أفراده بما فيهم النساء.

* كيف تجدين بطولات المرأة في مواجهة الانتهاكات الحوثية بحق المجتمع؟

- سؤال مهم، ولهذا نؤكّد أن المرأة اليمنية أكثر فئات المجتمع تضرراً من الحرب بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وفي هذا اليوم (8 مارس) نقف احتراماً لبطولات المرأة اليمنية في هذا المجال. ونذكّر بتضحياتها سواء كانت أماً أو أختاً أو زوجة أو قريبة شهيد أو جريح أو مختطف.

وإن كان من نموذج لأم مختطف فسأذكر أم الصحفي المختطف في سجون الحوثي توفيق المنصوري، المرأة العظيمة الصابرة، الحاضرة في كل فعالية احتجاجية حاملة آمالها وآلامها الكبيرة بنجاة ولدها. وتتضاعف معاناتها في الفترة الأخيرة لكونها لم تعد تسمع عن ابنها الذي أصدرت المليشيا حكمًا عليه وزملائه بالإعدام.. وكما حدثتك في البداية هناك ألم لكن أملها بالله لم ينقطع بفرج الله القريب إن شاء الله.

وعموماً، المرأة بوعيها وفهمها لواجباتها وحقوقها وتعليمها ونضوج فكرها، وبوقوفها القوي وتحمّلها وتضحيتها وإعانتها لأخيها الرجل في معركة الدفاع عن الدولة توجّه رداً قوياً أمام المليشيا الحوثية مفاده أن المرأة قادرة أن تعمل الكثير والكثير وتكون رافداً ومعيناً في مواجهة هذا الفكر الدخيل على مجتمعنا وأخلاقنا وقيمنا الأصيلة.

* تحدثتي سابقاً عن نظر الحوثي للمرأة، هل ممكن توضّحي أكثر حول هذه النقطة؟

-الحوثي ينظر للمرأة نظره قاصرة، ويعتبرها امرأة ضعيفة، وأن وجودها محدود بحدود المنزل. ولهذا يتدخل في حريتها الشخصية، وآخر الحملة الذي قام بها لتحديد لبس المرأة وشكل حجابها وعباءتها وطريقة في خروجها وحضورها.

وهي بالتأكيد نظرة متطرفة تقييد حرية وحركة المرأة فلم تعد تستطع التنقل أو السفر، خصوصاً المرأة التي فقدت عائلها ولا تستطيع تلبية شرط الحوثي للسفر الذي يلزمها بوجود أو موافقة المحرم، وكما تحدثت سابقًا ينظر لها أن وجودها فقط في المنزل تنجب أطفال وتبكي على فقد عائلها أو ابنها.

وكذلك وضع المرأة في موضع القاتلة المستأجرة من خلال تجنيدها ضمن عصابات معبّأة طائفياً وتدجيجها بالسلاح وإرسالها لاقتحام المنازل وترويع النساء والأطفال، وينظر لها أيضاً نظرة ازدراء ودونية، ولا يحق لها في المشاركة في الدور الاجتماعي والاقتصادي، ولو تلاحظي الخطاب الحوثي في المنابر ووسائلهم الإعلامية تجديه خطاباً متطرفاً يكره المرأة ويحرّض ضدّها.

ومن المضحك والمخجل المبكي والذي يوضّح مدى القبح الذي بلغته هذه المليشيا هو منعها وسائل تنظيم الأسرة وهي تؤكّد النظرة الحوثية للمرأة باعتبارها فقاسة للمقاتلين، رغم مخاطر هذا الإجراء الذي عرّض حياة كثير من النساء للخطر بما فيها الوفاة.

* بحكم إدارتك للمنظمة الإنسانية للمرأة والطفل، هل لديكم إحصائية تقريبية عن النساء النازحات والمتضررات من الانقلاب الحوثي؟

- لا يوجد لدينا إحصائية في هذا السياق، إلا أن تقارير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين تشير إلى أن نسبة النساء في مخيمات النزوح تزيد عن 60%. فيما أشار تقرير الأمم المتحدة بشأن الاستجابة الإنسانية لأزمة اليمن 2022 يوضح أن أكثر من 77% من النازحين داخلياً في اليمن هم من النساء والأطفال الذين يتعرضون لخطر متزايد من العنف القائم عل النوع الاجتماعي. 

* كيف تجدين اليوم تطلعات المرأة اليمنية وأحلامها المستقبلية؟

- تتطلع المرأة لإنهاء الحرب وإحلال السلام الدائم، وأن تنال حقها في الحياة الآمنة ضمن أسرة مستقرّة. وتحلم بأن ترى وطنها الحبيب مستقر خالي من الحروب، ومزدهر ومتطور، ولديه قيادة قادرة على استثمار خيرات البلاد وكنوزها الوفيرة بالشكل الصحيح.

وأيضاً، تتطلع لأن تنال حقها في المشاركة في صناعة القرار وإدارة المناصب العليا في القطاعات الحكومية، فقدت أثبتت التجارب مدى قدرة المرأة وتفانيها ونشاطها في مختلف المجالات، وكانت أهلاًّ لذلك وقادرة على القيادة، وقبلها ضرب لنا القرآن الكريم مثلاً لدور المرأة اليمنية القيادي بقصّة الملكة بلقيس عظيمة مملكة سبأ.

وخلال الحرب والمعاناة، تعززت أهداف المرأة لتعزيز قيم لتعايش والسلام والمحبّة، ومنع أي حروب أو صرعات داخلية توقف الحياة وتعطّل مسيرة البناء والتنمية في البلاد في الوقت الذي يشهد العالم تطوراً متسارعاً بمختلف المجالات.

* لو تحدثينا عن دور منظمتكم في الوقوف إلى جانب المرأة في مواجهة تداعيات الحرب عليها؟

- دعم المرأة والوقوف وتخفيف معانتها من أساسيات عملنا، وتمكينها من العيش بحرية وكرامة في صلب أهدافنا، وخلال الفترة الماضية أنجزنا عدّة مشاريع درّبنا خلالها العديد من النساء ونقلناهن من حالة الاحتياج إلى الانتاج من خلال تدريبهن وتمكينهن اقتصاديًا. 

وبالإضافة إلى ذلك قدّمنا الدعم النفسي للعديد من النساء الأخريات من خلال برامج التوعية. كما أقمنا عدّة مراكز لدراسة محو الأمية استهدفت العديد من النساء ضمن مشروع التمكين والحق في التعليم.

* رسالة توجهينها إلى المرأة بمناسبة يومها العالمي؟

- إلى المرأة اليمنية القوية الطموحة المكافحة، كل عام وأنت في خير وسلام. تحية لك يا من تحلمين بوطن مستقر يعمه السلام والوئام.. أتمنى لك حياة مليئة بالخير والسعادة، وكل عام ونساء العالم في خير وسلام ومحبّة.. ولك أنت الشكر الجزيل على زيارتك التي أسعدتنا وعلى هذا اللقاء الجميل.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص