- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
تجاوزت أسعار الغاز في أوروبا، للمرة الأولى منذ مارس الماضي 1700 دولار لكل ألف متر مكعب، بحسب بورصة لندن ICE.
جاء ذلك بالتزامن مع مخاوف شديدة، تعيشها واحدة من أبرز دول الاتحاد الأوروبي، مع اقتراب موعد قيام روسيا بوقف امدادات الغاز.
وتخشى ألمانيا نقصاً في إمدادات الغاز الروسي الذي تحتاج إليه سواء لتأمين المياه الساخنة للمنازل أو تدفئة المكاتب أو حتى لتشغيل إشارات السير، ويتهيأ البلد برمته بدءا بالبلديات وصولا إلى الشركات الكبرى لشتى أنواع القيود على استخدام الغاز.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أن الحكومة الألمانية، في حالة تأهب مع اقتراب الوقف التام لخط أنابيب الغاز «نورد ستريم» بسبب صيانة روتينية.
وتخشى ألمانيا، أن تقطع موسكو إمدادات الغاز، بشكل نهائي
عبر هذا الأنبوب الذي يؤمن قسما أساسيا من وارداتها.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك بأنه «لا يمكن استبعاد أي سيناريو» مضيفا أن موسكو تستخدم «سلاح الغاز» ضد أوروبا سعيا لتقويض الدعم لأوكرانيا. حسب قوله.
وإزاء التحذيرات والإشارات المقلقة، يسعى القطاع الصناعي والمجموعات والإدارات في ألمانيا، بكل الوسائل للحد من استهلاك الطاقة.
وقال كارستن نوبل رئيس مجموعة هنكل، إحدى الشركات الكبرى في بورصة فرانكفورت، متحدثا للصحافة إنه «من المحتمل أن نعمد مجددا إلى المزيد من العمل عن بُعد لادخار الطاقة من أجل المصلحة الوطنية».
وليست هذه المجموعة الوحيدة التي تبدي مخاوف،
فقطاع الصناعة الكيميائية برمته معرض بصورة خاصة للمخاطر إذ يعول بشدة على الغاز.
وأفادت جمعية الصناعات الكيميائية، في ألمانيا الاتحادية، التي تمثل القطاع، أنها تتهيأ «للسيناريو الأسوأ».
وتدرس شركة «باسف» العملاقة التي يشكل موقعها في لودفيغشافن (غرب) مدينة حقيقية داخل المدينة، وضع قسم من موظفيها في البطالة الجزئية في حال توقف إمدادات الغاز الروسي الذي يشغل توربيناتها.
من جهتها، ذكرت شركة سيمرايز للعطور، أنها بصدد معاودة تشغيل فرن يعمل على النفط في مصنعها في هولتسميندن (وسط).
وعمدت روسيا خلال الأسابيع الماضية، إلى خفض صادرات الغاز عبر نورد ستريم بنسبة 60 في المائة. راجعت سبب ذلك إلى مشكلة فنية، فيما اعتبرته برلين قرار «سياسي».
وأدى ذلك إلى تباطؤ عملية إعادة تشكيل احتياطات الغاز، ولفت هابيك الى انه بهذه الوتيرة «نمضي سريعا نحو انقطاع الغاز»، وهو تصدر الصحف بدعوته إلى تقليص الدوش واستخدام مياه أقل سخونة.
وحذر كلاوس مولر رئيس الوكالة الفيدرالية للشبكات «إذا لم نعد نتلقى إمدادات غاز من روسيا… فإن الكميات المخزنة حاليا لن تكفي سوى لشهر أو شهرين».
ودعا بالتالي إلى استباق الأمور لأن المستهلكين «سيصدمون حين يتلقون رسالة إلكترونية من مزودهم بالطاقة» تتضمن «زيادة بثلاثة أضعاف» في الفاتورة.
وأقر مجلس النواب الخميس خطة توفير تتضمن وقف التدفئة ما فوق عشرين درجة مئوية في الشتاء وقطع المياه الساخنة عن المكاتب الفردية.
وعمدت مدن عديدة إلى خفض حرارة المياه في أحواض السباحة وخفض الإنارة في الشوارع.
وتدرس بلدية أوغسبورغ في بافاريا، وقف عمل بعض إشارات السير. وقررت تعاونية عقارية قرب دريسدن في ساكسونيا (شرق) قطع المياه الساخنة ليلا عن مساكنها الـ600، ما أثار جدلا على المستوى الوطني.
وأعلنت «فونوفيا»، أكبر مجموعة عقارية ألمانية، الخميس أنها تعتزم تحديد سقف للتدفئة المركزية قدره 17 درجة مئوية ليلا في مجموعة أملاكها البالغة 350 ألف مسكن.
ووفقا لبيانات بورصة لندن فقد صعدت العقود الآجلة للغاز الطبيعي بنسبة 7.4% إلى 1715 دولار لكل ألف متر.
وفي مطلع مارس 2022، سجلت أسعار الغاز في أوروبا 4 مرات متتالية مستويات تاريخية، وجاء ذلك بسبب مخاوف من فرض حظر على استيراد موارد الطاقة الروسية، ففي 7 مارس الماضي سجلت أسعار الغاز 2560.7 دولار لكل ألف متر مكعب.
وعقب ذلك تراجعت الأسعار وفي 6 يونيو 2022، لأول مرة في 3 أشهر، انخفضت أسعار الغاز إلى أقل من 900 دولار لكل ألف متر مكعب.
ومنذ منتصف يونيو الماضي، عادت أسعار الغاز في أوروبا للارتفاع مرة أخرى في ظل انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، بسبب عراقيل نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
وكانت الإمدادات الروسية تشكل في مطلع يونيو (حزيران) 35 في المائة من واردات ألمانيا، مقابل 55 في المائة قبل الحرب في أوكرانيا. ولا يزال الغاز يؤمن أكثر من 50 في المائة من تدفئة المنازل.
هل ستكون هذه التدابير كافية لتمضية فصل الشتاء؟
تعتزم برلين زيادة اعتمادها على الفحم وتقوم بشراء كميات من الغاز المسال بمليارات اليوروات من منتجين آخرين مثل قطر والولايات المتحدة. لكن وزير الاقتصاد قال بأنه سيترتب على ألمانيا القيام بـ«خيارات مجتمعية بالغة الصعوبة» إذا تراجعت إمدادات الغاز الروسي أكثر.
ولن يكون بإمكان البلاد تفادي انكماش مع توقع تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.5 في المائة بين 2022 و2023، بحسب المعاهد الاقتصادية الرئيسية، ما سيتسبب في سلسلة من العواقب على الاقتصاد الأوروبي، إذ أن باسف على سبيل المثال تنتج مواد كيميائية ضرورية لقطاعات الأدوية والأغذية والسيارات.
وفي تحذير مما قد ينتظر ألمانيا، تسبب ارتفاع أسعار الطاقة في يونيو (حزيران) بأول عجز في الميزان التجاري الشهري لهذا البلد منذ سنوات.
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر