- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
نيرة أشرف، إيمان أرشيد، لبنى منصور.. 3 أسماء، لضحايا جرائم قتل "انتقامية" هزّت المتابعين في المنطقة العربية مؤخرًا، وأعادت الاهتمام مجدداً بمشكلة العنف ضد المرأة في الوطن العربي، والذي يصل حدّ سفك الدماء.
ومن أجل فهم سياق هذه الأخبار، وفهم وضع الجريمة ضد المرأة ودوافعها الخاصة ومدى انتشارها، تتبعنا في "عربي بوست" إحصائيات قتل النساء في دول عربية مختلفة، والقوائم التوثيقية المتعلقة.
وجدنا في البحث أن الدول العربية لا تزال في معظمها تعاني من نقص شديد في البيانات المتخصصة المتعلقة بالجريمة ضد النساء (Femicide)؛ ما يصعّب من عملية فهم الظاهرة بشكلٍ منعزل عن عموم دراسات العنف ضد النساء.
تنوّعت مصادر الدراسات التي وجدناها؛ فمنها حكوميّ ومنها لمنظمات محلية أو دولية ومنها تابع لناشطاتٍ قمن بهذا العمل بصورة تطوعيّة لخلوّ بلدانهن من الإحصائيات أو التوثيق الرسمي، كما انعدمت البيانات في حالاتٍ أخرى أو انحصرت في مناطق محددة.
كما لاحظنا عدم الاستمراريّة في رصد البيانات في بعض البلدان، فقد يجري التوثيق والنشر في عامٍ ما لتعود بعدها قضايا قتل النساء إلى غياهب النسيان.
هل قتل النساء ظاهرة منفصلة؟ ما أسباب قتل النساء؟ وهل تُستهدف النساء بصورةٍ أكبر لأنهنّ نساء فقط؟ تحاول جهات حقوقية وإنسانية التوجه نحو تخصيص الإحصاءات لدراسة هذا النوع من الجرائم بصورة منفصلة وفهم دوافعها الشائعة ومدى انتشارها.
في السنوات الأخيرة، بدأت بعض المنظمات باعتماد مصطلح Femicide (فيميسايد أو جرائم قتل النساء)، لتحديد جرائم قتل النساء والفتيات المرتبطة مباشرةً بكونهنّ إناثاً.
وأعلنت الأمم المتحدة في 4 مارس/آذار 2022 اعتمادها إطاراً إحصائياً جديداً خصيصاً لقياس وتوصيف الفيميسايد، بغية الوصول لتدابير وقائية أفضل وإدراك عوامل الخطر المحيطة بالنساء.
وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت عام 2015، مبادرة رصد قتل النساء (Femicide Watch Initiative)، لجمع البيانات عن تلك الجرائم ذات الصلة بنوع الجنس.
لا يزال فهمنا محدوداً لظاهرة قتل النساء وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لكن نسبة كبيرة من جرائم القتل هذه تكون ضد نساءٍ يعشن في علاقات عنيفة، وترتكب الجرائم عادةً من قبل الشركاء الحاليين أو السابقين.
وقد نوّهت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، غادة فتحي والي، إلى أنه في كل 11 دقيقة تتعرض امرأة أو فتاة للقتل على يد أحد أفراد أسرتها.
ووفقاً لتقرير المنظمة الصادر تحت عنوان "فهم ومعالجة العنف ضد النساء"، تتوزع جرائم القتل ضد المرأة ضمن تصنيفات متعددة، أولها "قتل النساء الحميم"، ويعني حالات قتل المرأة من قبل الزوج أو الصديق الحميم أو الشريك الحالي أو السابق.
ومن ثم تصنيف "الجرائم المرتكبة باسم الشرف"، ويشمل ذلك جميع جرائم القتل ذات الصلة بارتكاب فعلٍ جنسيّ فعلي أو مفترض، وقد يلجأ البعض لهذه الجرائم حتى في حالات وقوع اغتصاب أو للتستر على حالات سفاح القربى.
بالإضافة لجرائم قتل النساء المتعلقة بقضايا المهر (منتشر في شبه القارة الهندية)، وحالات القتل من أشخاصٍ لا يرتبطون بعلاقات وثيقة مع المجني عليهنّ مثل ضحايا العدوان الجنسي.
نستعرض هنا نماذج لإحصائيات قتل الفتيات والنساء في عدد من الدول العربية:
مصر
تتبعت مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة 296 جريمة قتل موجهة ضد النساء والفتيات في عام 2021 وحده، وذلك في تقريرها السنوي المهتمّ بتتبع العنف القائم على النوع الاجتماعي، علماً أن التقرير السابق لعام 2020 سجّل 165 جريمة؛ ما يعني تضاعف معدل قتل النساء، وفقاً لرصد المؤسسة.
وجاءت النسبة الأكبر لجرائم القتل المرُتكبة من قبل الشريك والعائلة؛ إذ وقعت 214 جريمة ضمن هذا التصنيف، وتشمل هذه النسبة الجرائم المرتكبة باسم الشرف والتغطية على حوادث الاغتصاب ورفض الزواج. وينوّه التقرير لادّعاء القاتل للمرض النفسي في 24 واقعة، بغية الحصول على أحكام مخففة.
رصد التقرير أيضاً 51 جريمة قتل لنساء وفتيات على يد غرباء أو من أشخاص ليسوا ذوي قرابة، منها 12 جريمة قتل تتضمن علاقة عمل حالية أو سابقة.
كما تضمنت الجرائم 7 وقائع للتغطية على جريمة اغتصاب لطفلات تحت سنّ الثامنة عشرة، و3 جرائم كانت الضحايا يحاولن التصدّي لحالة تحرش بهن.
وبالإضافة لما سبق، سجّل التقرير 78 حالة شروع في القتل ضد النساء والفتيات أو محاولات قتل غير ناجحة في عام 2021.
الجزائر
رصدت مجموعة "فيمنيسيدز ألجيري" 24 حالة قتل للنساء في عام 2022 حتى تاريخ كتابة هذا المقال، و55 حالة قتل ضد النساء في 2021، و55 حالة قتل ضد النساء في 2020 أيضاً، فيما سجل الموقع 74 حالة لعام 2019 لوحده.
تؤكد الناشطتان الجزائريتان اللتان أسستا المجموعة، ناريمان مواسي ووئام أورس، أن الأرقام في الحقيقة أعلى بكثير مما سبق ذكره، إلا أن هذه الإحصائيات هي نتاج عملٍ تطوّعي يتتبع حالات قتل النساء المرتبطة بكونهن نساءً بصورةٍ مباشرة.
ووفقاً للتفاصيل التي ينشرها الموقع؛ تتنوع الجرائم بين القتل على يد الزوج أو الشقيق أو الوالد أو أفراد آخرين من العائلة والأقارب أو غرباء، وتتكرر حالات الإبلاغ عن العنف أو التعرض لتعذيب أو إساءة لفترات طويلة من قبل الزوج قبل الوصول لحادثة القتل.
وتتنوع طرق القتل لتشمل الضرب والذبح، والقتل بواسطة كيس بلاستيكي أو مسدس أو خنجر أو أدوات أخرى، بالإضافة إلى التعذيب والاغتصاب قبل القتل، والخنق والحرق حتى الموت.
عاينّا تفاصيل حالات قتل النساء البالغة 55 حالة في عام 2021، لنجد أن قرابة نصفها ارتُكِب من قبل الزوج (27 حالة)، و18 جريمة ارتُكبت من قبل أحد أفراد العائلة بما في ذلك الأشقاء والآباء وغيرهم، وباقي الحالات ارتُكبت من قبل غرباء (9 حالات)، مع حالة واحدة مذكورة سُجّلت ضد مجهول.
وكانت مديرية الأمن الوطني الجزائري قد نشرت عام 2019 تلقيها لـ7083 شكوى متعلقة بقضايا عنف ضد النساء، من بينها 5133 حالة عنف جسدي، وذلك وفقاً لما تنقله مؤسسة فريدريش إيبرت بمكتبها الجزائري.
المغرب
لم تصدر أرقام رسمية توثق جرائم قتل النساء في المغرب، إلا أن ظاهرة العنف ضد النساء من أبرز "مظاهر الحيف والتمييز" التي تطول النساء في الفضاء المغربي العام والخاص على حدّ سواء، وذلك وفقاً لفيدرالية رابطة حقوق النساء في المغرب.
في ندوة صحفية أقيمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قدّمت المنظمة نتائج التقرير السنوي المعني بدراسة ظاهرة العنف في المغرب، والصادر من شبكتي "الرابطة إنجاد ضد عنف النوع" و"نساء متضامنات".
وجاء في التقرير أن مراكز المنظمة استقبلت 12 ألفاً و233 حالة عنف ضد النساء خلال 2018، وبلغت نسبة العنف الجسدي 15.17% من الحالات.
ووفقاً للتقرير، سنّ المشرع المغربي قانوناً خاصاً بمناهضة العنف ضد النساء، لكن لا يزال الاعتراف بجريمة قتل النساء (femicide) غائباً، ولم نستطع إيجاد أيّة إحصائيات أو قوائم تُظهر نسب القتل الموجه ضد النساء بشكلٍ منفصل في المغرب.
بيد أن المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة حكومية للأبحاث في المغرب، أصدرت تقريراً تفصيلياً عام 2021 تحت عنوان "المرأة المغربية في أرقام"، تبين فيه انتشار معدل العنف في الفضاء الزوجي بنسبة 46% في 2019، بمقابل 18.6% ضمن الفضاء العائلي.
وتظهر الأرقام الواردة أن 5.3 مليون امرأة من بين النساء المتراوحة أعمارهنّ بين 15 و74 سنة هنّ ضحايا العنف المرتكب من طرف الزوج أو الزوج السابق أو الخطيب.
يتسق ذلك مع الإحصائيات التي قدمتها المديرية العامة للأمن الوطني في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، والتي تبين استمرار استفحال ظاهرة العنف ضد المرأة في المغرب، إذ استقبلت مراكز المديرية ما مجموعه 61 ألفاً و388 قضية عنف ضد المرأة في ذلك العام، 7% منها تتعلق بقاصرين دون سنّ الرشد.
ويقسم تقرير المديرية مستويات العنف الموجّه ضد المرأة إلى عنف جسدي بسيط (عنف متسبب في عجز بدني لم تتجاوز مدته 20 يوماً)، والذي شكّل ما يقارب نسبة 82% من مجموع القضايا، يليه العنف المتوسط بنسبة 16%، ومن ثم العنف الجسيم الذي وصل لـ2% من المجموع.
الأردن
لا توجد أرقام رسمية توضّح نسب جرائم القتل الموجهة ضد النساء بشكلٍ خاص، وتتسم البيانات المتعلقة بجرائم الشرف بالنقص وعدم الاتساق، وتبقى العديد من حالات القتل في الأردن طيّ الكتمان؛ إذ لا يوجد أحد يُبلّغ عن اختفاء الضحية.
قدّرت منظمة هيومن رايس ووتش عام 2016 وقوع ما بين 15 إلى 20 جريمة شرف سنوياً في الأردن، ورصدت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" وقوع 18 جريمة قتل أسرية بحقّ النساء والفتيات خلال عام 2020 عبر تتبعها للأخبار المنشورة على وسائل الإعلام المختلفة.
لبنان
يرصد موقع "شريكة ولكن" الأخبار المنشورة عن جرائم القتل ضد النساء في لبنان وخارجه بصورةٍ أسبوعية ليسجّلها تحت اسم "العدّاد الأسبوعي"، ووثق الموقع 13 جريمة قتل ضد النساء والفتيات في لبنان عام 2019، مقابل 27 جريمة قتل ضدّهن عام 2020؛ ما يعني ارتفاع الجرائم بنسبة 107% في ذلك العام.
يعضد ذلك البيانات الصادرة عن قوى الأمن الداخلي في لبنان، والتي سجّلت 1468 بلاغ عنف أسري على الخطّ الساخن المتخصص بذلك من تاريخ 21 فبراير/شباط 2019 إلى 1 فبراير/شباط 2020، مقارنة بـ747 بلاغاً من تاريخ 12 مارس/آذار2019 وحتى 20 فبراير/شباط 2020.
العراق
لا تُفصح الإحصائيات الرسمية للجرائم الصادرة عن وزارة الداخلية العراقية عن الجرائم الموجهة ضد النساء بشكلٍ خاص، ولم تتوفر أرقام توثق جرائم قتل النساء في عموم العراق من مصادر أخرى.
إلا أن صندوق الأمم المتحدة للسكان أبلغ عن نسب مرتفعة لحالات العنف ضد النساء؛ إذ يهدد العنف ثلث العراقيات، وفقاً لتصريح ممثلة الصندوق، ريتا كولومبيا، لجريدة الصباح العراقية الرسمية.
وكان الصندوق قد أصدر نتائج المسح الشامل لأوضاع الصحة الاجتماعية للنساء في العراق 2021، وظهر فيه أن 14% من النساء يتعرضن للعنف بأنواعه من قبل أفراد الأسرة (عدا الزوج)، بما في ذلك نسبة 11.5% خاصة للعنف الجسدي.
وتتعرض 29% من النساء للعنف بأنواعه من قبل أزواجهنّ، بما في ذلك 3.6% للعنف الجسدي و1.8% للعنف الجنسي، وتبين الأرقام أن 52% من النساء اللواتي يتعرضن لتعنيف زوجي يسكتن ولا يبلغن عن أحد.
تتضح الصورة أفضل بالنسبة لكردستان العراق؛ إذ تُحصي مديرية مكافحة العنف ضد النساء في السليمانية أعداد جرائم القتل ضد الإناث في الإقليم.
ووفقاً لما نقلته وكالة "فرانس برس" عن المتحدث باسم المديرية هيوا كريم جوامير، بلغ عدد ضحايا جرائم قتل النساء في الإقليم 45 امرأة عام 2021، وكان الفريق قد أحصى 25 حالة قتل لنساء في 2020.
وحذّر جوامير من أن شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من 2022 شهدا ارتفاعاً في حالات قتل النساء بالنسبة للعام الذي سبقه؛ إذ وثّق الفريق مقتل 11 امرأة في الإقليم في الشهرين فقط.
وتنقل الوكالة عن مديرة منظمة (الناس للتنمية)، بهار منذر، تأكيدها أن "معظم النساء لقين حتفهنّ على يد أحد أفراد عائلتهنّ".
المصدر: "عربي بوست"
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر