عثمان حسن
ثقافة الأمل
الساعة 01:37 مساءاً
عثمان حسن
في رواية «فتاة من ورق» للكاتب الفرنسي مسيوجيوم، الذي تحقق أعماله شهرة واسعة في العالم، لتصدرها قوائم بيع الكتاب، نجد ثيمة الأمل هي المسيطرة، حيث يعتبر النقاد أن سبب شهرتها يعود لكونها تمس شريحة الشباب، وتقترن بالخيال العاطفي لوجدان هذه الشريحة، وتدور حول معجزة الأمل، فهي إذاً، رواية تحرك عزيمة الأمل المفقود، وتحفز قيم الجمال الروحي للانتصار على أزمات الحياة، والواقع المأزوم.

وكثيرة هي الأقوال التي تبث روح الأمل، وتعزز ذلك كقوة ثقافية لا يستهان بها، وهنا نتذكر «تصوف» لنيكوس كزانتزاكيس، الذي يقول فيها: «نأتي من هاوية مظلمة وننتهي إلى مثيلتها، أما المسافة المضيئة بين الهاويتين فنسميها حياة».. هكذا يبدأ كزانتزاكيس كتابه «تصوف..»، من خلال رؤية تأملية عميقة للحياة والموت، وللإنسان والكون المحيط به.

هو نفسه الذي قال في «زوربا اليوناني»: السعادة الحقيقة أن يعيش الإنسان بلا مطامع، ويعمل ويكد كأن له ألف مطمع، وأن يحب الناس ويعمل لخيرهم من دون أن يكون في حاجة إليهم، وأن يأكل ويشرب، وأن يسير على الشاطئ والنجوم فوقه، والبحر إلى يمينه والأرض إلى يساره.. وأن يشعر بأن الحياة قد أنجزت معجزتها الكبرى فصارت قصة من وحي الخيال.

وينظر المختصون النفسانيون إلى الأمل، بوصفه تسلسلاً سلوكياً، ومعرفياً يجب أن يتم تدريسه ونمذجته، وقد ظهرت، ولا تزال حتى اليوم، كتابات تعزز ثقافة الأمل عند الأطفال، وتنادي بتصميم مناهج دراسية خاصة، تؤسس لبث روح إيجابية بين التلاميذ، وبمساعدة من مدرسين محترفين، يعملون على بناء استراتيجيات واضحة للتحفيز.

غير أن بث ثقافة الأمل، يصبح أمراً ملحاً في البيئات التي تعاني أشكالاً مختلفة من الحرمان، بسبب الحروب، والأوبئة، والكوارث السياسية والاجتماعية، وهي ضرورية لسد الفجوة بين الفقر والإنجاز، وتعتبر دافعاً جوهرياً للطلاب المتأثرين بتجارب الطفولة القاسية، أو الضارة.

هذه البيئات تحديداً، تحتاج إلى ثقافة الأمل بدافع إنساني ووجودي محض، وتستحق الدفاع عنها وتبنيها من كل المؤسسات الاجتماعية المعنية، سواء الرسمية، أو الأهلية.

هنا، يشير المحللون إلى تحفيز ثقافة إيجابية من خلال التعليم، في ضوء ما يسمونه «التسلسل الهرمي للاحتياجات البشرية»، ومعرفة ماهيات هذا التسلسل، وهو الذي يشجع التلاميذ على التفاعل الإيجابي مع ثقافة الأمل.

وفي كتاب «بناء ثقافة الأمل»، من إعداد روبرت بار، وإيميلي جيبسون، وطبع في عام 2013، يعبر المؤلفان عن سعادتهما بأنهما استطاعا من خلال هذا الكتاب أن يصنعا شيئاً لديه القدرة على إحداث تغيير إيجابي، وحقيقي، يقولان «لقد كان ذلك مشجعاً بشكل رائع، ونحن نسمع قصصاً تبث روح الأمل خاصة في بيئات الحرمان والفقر».
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر