الرئيسية - إقتصاد - أولى شركات "الدفع الآجل" في المغرب تستهدف سوقاً بملياري دولار
أولى شركات "الدفع الآجل" في المغرب تستهدف سوقاً بملياري دولار
الساعة 06:30 مساءاً (المنارة نت / الشرق)

تتطلع أولى الشركات المتخصصة في خدمات الدفع الآجل في المغرب، أو ما يُعرف بنموذج "اشترِ الآن وادفع لاحقاً"، إلى سوق متنامية تُقدر بمليارات الدراهم، متلمسةً النجاح الذي حققته في أوروبا وأميركا والشرق الأوسط.

الشركة الناشئة المغربية "عاليا" (Alya)، باكورة الشركات في هذه السوق، بدأت أعمالها العام الماضي بعدما حصلت على ترخيص هو الأول من نوعه في المملكة لتقديم حلول الدفع الآجل، من بنك المغرب المركزي، وخلال نفس العام حصلت على تمويلات لم تكشف قيمتها من صناديق استثمار من بينها صندوق "بروباركو" (Proparco)، التابع للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD).

قال إبراهيم زايد، مؤسس الشركة، في مقابلة مع "الشرق"، إن سوق الدفع الآجل في المملكة تُقدر بنحو 15 إلى 20 مليار درهم (ملياري دولار)، وتوقع أن ترتفع إلى 50 مليار درهم بنهاية العقد الجاري، مع توسع استخدام آليات الدفع الإلكتروني.

ابتكارات المالية:

تُعتبر تطبيقات وحلول "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، التي ظهرت في بداية العقد الحالي، من الابتكارات المالية التي ترسخ مكانها في عدد من الأسواق، محدثة نقلة نوعية في التعاملات التجارية التقليدية. تتيح هذه التطبيقات للمستهلكين الحصول على المنتجات والخدمات دون الحاجة إلى دفع قيمتها كاملة في البداية، وإنما يتم السداد على أقساط، مما يساهم في تخفيف العبء المالي. 

الدفع الآجل مقابل التضخم 
حققت هذه الحلول نجاحاً كبيراً في أوروبا على غرار تجربة "كلارنا" (Klarna)، وفي السعودية برزت "تابي" (Tabby) كأولى شركات "يونيكورن" بفضل هذه السوق، وقد استفادت من طفرة التجارة الإلكترونية التي تسجلها المنطقة مع تغير أنماط الاستهلاك.

بحسب مؤشر المدفوعات لشركة "ماستركارد" لعام 2022، أكد 74% من المستهلكين المغاربة معرفتهم بمفهوم "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، وحوالي 39% منهم مرتاحون لاستخدامه لأنهم يفضلون المرونة والراحة التي توفرها هذه الخدمة.

قال زايد إن "نجاح هذه الحلول يأتي في وقت تشهد فيه الأسواق تضخماً وارتفاعاً في أسعار الفائدة ما سبب انخفاضاً في القدرة الشرائية"، ونوه بأن هذه الحلول تُتيح للتجار زيادة مبيعاتها كما تساعد العملاء على تدبير أفضل للإنفاق.

المستهلكون الذين استخدموا هذه الحلول يرون أنها مفيدة لعمليات الشراء الطارئة والكبيرة فضلاً عن زيادتها للقدرة الشرائية، بحسب "ماستركارد"، ويعتبرونها أداء فعالة فيما يتعلق بالميزانية والتخطيط المالي، وتكون حلاً مفيداً فيما يخص عمليات الشراء الطارئة والكبيرة.

الحل البديل:

تقترح شركة عاليا "حلاً بديلاً لكن ليس بالضرورة منافساً للبنوك"، بحسب مُؤسسها. تتيح للعملاء دفع المشتريات بشكل آجل مقسم على أقساط تصل إلى أربعة بدون رسوم ولا فوائد. يوقع العميل عقد قرض يلتزم فيه بسداد المبلغ وفقاً للشروط المتفق عليه وقت الشراء.

النموذج الاقتصادي لشركات الدفع الآجل:

لكن ما هو النموذج الاقتصادي لمثل هذه الخدمة في ظل غياب أي فوائد؟ يُجيب زايد بأن الشركة تتقاضى عمولةً من التجار مقابل خدمات عدة، أبرزها زيادة مشتريات العملاء وضمان ولائهم.

تعتمد "عاليا" على مزيج من التمويل الداخلي والخارجي. على رأسها البنوك إلى جانب صناديق الديون المتخصصة. وقد طورت الشركة نموذج تنقيط خاص يعتمد على تحليل البيانات التي يتم تضمينها في العقد لتقييم إمكانية التخلف عن السداد.

يرى زايد، الذي عمل مستشاراً لدى "مجموعة بوسطن الاستشارية" (BCG)، أن "ثقافة الدفع الآجل كانت مبنية بشكل أساسي على الثقة بين التاجر والعميل، ونسعى اليوم لإضفاء طابع جديد على هذه العملية بضمان حصول التجار على مستحقاتهم وتمكين العملاء من إدارة النفقات بشكل أفضل".

في الواقع، لا تقدم شركات "اشتر الآن وادفع لاحقاً" خدمةً غير مسبوقة، فالدفع عبر أقساط هي بالفعل خدمة تقدمها البنوك منذ أن ظهرت. تشير الأرقام الرسمية في المغرب أن 60% من الضريبة السنوية على السيارات تؤدى عبر أقساط بواسطة شيكات، كما أن الدفع عبر أقساط شهرية مستعمل من طرف 80% من المشتركين المغاربة في صالات الرياضة.

فوائد ومخاطر "اشتر الآن وادفع لاحقاً":

يرى الخبراء أن تطبيقات "اشتر الآن وادفع لاحقاً" تمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز الشمول المالي في المملكة، إذ تتيح لشرائح واسعة من المجتمع الوصول إلى المنتجات دون القيود التي تفرضها الوسائل التقليدية للتمويل. ورغم الفوائد التي يوفرها هذا الأسلوب، إلا أنه يفرض تحديات على المستهلك تتعلق بإدارة الديون وفهم الشروط المالية بشكل دقيق لتجنب الفائدة المتزايدة في حالة التأخر في السداد، بحسب دراسة لكلية "ESLSCA" لإدارة الأعمال في الرباط.

قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك في المغرب، إن "خدمة الدفع الآجل كان معمولاً بها منذ القدم كإشهار لبيع المنتجات وخاصة المنزلية"، وأضاف في حديث لـ"الشرق" أن "الجديد اليوم أن هذه الخدمة أصبحت حرفة في حد ذاتها تتخصص فيها شركات ناشئة لجلب المستهلكين مستفيدةً من تضرر القدرة الشرائية".

تتخوف جمعيات حماية المستهلك من تأثير هذه التطبيقات على تشجيع المستهلكين على الاستهلاك الزائد دون النظر إلى قدرتهم الحقيقية على السداد، مما قد يؤدي إلى تراكم الديون. أشار الخراطي في هذا الصدد إلى ضرورة "تقوية التشريع القانوني في هذا الصدد لحماية المستهلك من السقوط في الإفراط في الاستدانة، بتحديد سقف لا يمكن تجاوزه بالنسبة لكل فرد أخذاً بعين الاعتبار مدخوله الشهري".

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر