- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
قامت شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية، بتسوية قضية التشهير المرفوعة ضدها من قبل شركة دومينيون لصناعة آلات إحصاء الأصوات، بسبب طبيعة تغطيتها للانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، عام 2020.
وبمقتضى التسوية التي جاءت في اللحظات الآخيرة لتجنب المحاكمة، خسرت شبكة "فوكس نيوز" 787.5 مليون دولار، وهي تقريبا نصف قيمة التعويض الذي كانت تطالب به شركة دومينيون لصناعة آلات إحصاء الأصوات، في قضيتها.
وقالت الشركة في دعواها: "إن الأعمال التجارية لها قد تأثرت بالادعاءات الكاذبة التي نشرتها شبكة فوكس، بخصوص التلاعب بإحصاء أصوات الناخبين، ضد الرئيس السابق دونالد ترامب".
وجنبت التسوية شبكة فوكس إمكانية مثول قيادات وشخصيات شهيرة فيها، مثل روبرت مردوخ، أمام المحكمة للإدلاء بشهادتهم.
وقالت فوكس في بيانٍ بخصوص إحدى أضخم قضايا التشهير في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، إنها "ملتزمة بأفضل المعايير الصحفية
واضافت الشبكة على لسان مساعد رئيس التحرير، شون أوغرايدي، ساخرة، بأنه توجب عليها أن تعترف بأخطائها، وارتكابها أسوأ عملية خداع يمكن لمؤسسة إخبارية أن تقوم بها بحق جمهورها.
وتابع شون أوغرايدي "أجل، إن جمهور القناة كانوا متلهفين لتلقينهم هذه التحريفات الصحافية، وإنهم كانوا تواقين إلى البقاء ضمن دائرة إيمانهم بأن دونالد ترمب كان على حق، وإن انتخابات 2020 الرئاسية كانت سرقت.
وأردف في مقال له بهذا الخصوص "لكننا نعلم ذلك، وكما كانت اللافتات المعارضة لقناة فوكس تقول "فوكس نيو" Fox Knew، أي أن قناة فوكس كانت "على علم" بأن ترمب كان يتفوه بالأكاذيب، وعلى رغم ذلك قاموا بنشر ما كان يقوله".
وواصل مساعد رئيس تحرير فوكس نيوز، مقالته على النحو التالي:
"هذه لم تكن قضية قيام بعض المصادر الموثوقة بارتكاب خطأ في التقييم لإحدى المعلومات، أو أن خطأ ربما ارتكب خلال إعداد تفاصيل برنامج وثائقي استقصائي.
كان الأمر نتيجة قرار واع وعملية خداع مقصودة، كما أظهرته الأدلة الموثقة التي تم الكشف عنها كجزء من القضية.
ولكن، وعلى غير العادة، لقد فضحوا، وعوقبوا. وعلينا أن نبتهج فرحاً بسبب تلك الأخبار، كما قال أحدهم.
بالطبع، ربما يكون هناك مجال لمزيد من البهجة في المستقبل. فشركة "دومينيون" ليست الوحيدة بين الشركات المصنعة لأنظمة الاقتراع التي ادعت بأن سمعتها تلطخت من خلال نشر معلومات خاطئة مع العلم المسبق بأنها خاطئة، على "قناة فوكس الإخبارية".
مع الأسف الشديد، لا! إن الشركة الإعلامية [مجموعة مردوخ] تواجه أيضاً قضية تشهير قضائية قيمتها 2.7 مليار دولار أميركي، رفعت ضدها من قبل شركة أخرى لتصنيع أنظمة تكنولوجيا الاقتراع هي شركة "سمارتماتيك" Smartmatic التي تدعي بأن الأخبار الكاذبة التي بثتها قناة فوكس أدت إلى تدمير تجارة الشركة.
شركة "سمارتماتيك" تدعي بأن قناة فوكس الإخبارية قامت ومع سبق الإصرار والتصميم ــ لاحظوا عبارة "مع سبق الإصرار والتصميم" ــ قامت "بنشر 100 بيان كاذب يحمل تبعات" للشركة، كررت وضخمت المعلومات الكاذبة الصادرة عن ترمب وحلفائه بأن "سمارتماتيك" لعبت دوراً في خسارته لتلك الانتخابات.
بالطبع، يمكن للمرء أن يضيف، أن قاضياً أميركياً واحداً شجاعاً، قال إن رسائل بريد إلكتروني كشف عنها تظهر أن "الرئيس ترمب كان يعلم أن الأرقام المتعلقة بالغش الانتخابي كانت خاطئة، ولكنه مع ذلك واصل إعلان تلك الأرقام في الفضاء العام وفي المحاكم".
ربما من المفيد أن نتوقف للحظة للتفكير في الكيفية التي أجبرت فيها قناة فوكس على الاعتراف بما ارتكبته عام 2020. فذلك لم يحصل لأن الديمقراطيين كانوا تفوقوا عليهم في الجدال الدائر. ولم يحصل، لأن أي واحد من ادعاءات ترمب التي تكررت ونشرت إعلامياً من قبل قناة فوكس كانت تدعمها الأدلة، أو أن أي واحدة من المحاكم كانت لتكون قادرة على السماح [للشركات] بمواصلة الملاحقة القضائية إلى هذه النقطة.
ولم يحصل الاعتراف أيضاً، لغياب المنطق في سردية "فوكس" ــ لأنه لو كانت هناك أي أسس للادعاءات عن وجود مؤامرة عظيمة سرية، فلماذا لم تنجح في سرقة فوز ترمب في انتخابات عام 2016؟ وأيضاً من أجل ذلك، لماذا يهتم ترمب من جديد بدخول السباق الرئاسي حالياً، إذا كان الديمقراطيون ومنظمة "أنتيفا" (معادو الفاشية) Antifa والجمهوريون الملقبون بـ"راينوز" في إشارة إلى كونهم جمهوريين بالاسم فقط، يمكنهم وببساطة أن يسرقوا انتخابات 2024 أيضاً؟
لا، إن الأكاذيب ترتب تبعات لأنها أدت إلى خسارة شركتين كبيرتين كثيراً من الأموال، وهذه الشركات تناضل من أجل حقها في الحصول على التعويضات. أما الأمر الأعظم الذي بالطبع لا يمكن قياسه، وهو الأثر الذي خلفته تلك الأكاذيب في وضعية الديمقراطية الأميركية، فلا يبدو أن أحداً سيعاقب عليه، وإن ذلك يشبه قيام إحدى الشركات التي تعالج الصرف الصحي بتحويل مياه الصرف غير المعالجة إلى النهر من دون أن تخشى أن تحاسب على فعلتها.
لو قامت كل من "دومينيون" و"سمارتماتيك" باتخاذ قرار بتجاهل الموضوع، أو أنهما توصلتا إلى تسوية بعيدة من الأضواء، لما كان كشف عما نشره كل من ترمب وقناة فوكس من أكاذيب.
إذاً لا بد من الإضافة أنه في مقابل كل الهجمات التي شنت على "الناشطين" و"المحامين اليساريين"، فإننا وفي معظم الدول الغربية، لا يزال لدينا نظام قضائي مستقل وحر [يمكن اللجوء إليه]، (ولكنه قطاع يتعرض للهجمات المستمرة).
نحن نرى ذلك يحدث في بريطانيا حالياً، عندما كشف تحقيق ليفيسون Leveson Inquiry كشف عن حجم عمليات التنصت غير الشرعية [على هواتف الأفراد] وعمليات سرقة المعلومات الفردية على مستوى تجاري واسع، من دون تقديم تلك الجهات أي أعذار تبرر مثل هذه الأعمال للمصلحة العامة بتاتاً.
والقضية القانونية التي تعمل عليها حالياً البارونة (دورين) لورانس، وتتعلق بالأمير هاري، والسير سايمون هيوز، وآخرين ممن جرى التنصت على هواتفهم هي أمثلة على قضايا أخرى تبرز العمل الجاري لمحاسبة وسائل الإعلام.
النصر الذي حققته شركة "دومينيون" على قناة فوكس الإخبارية لن ينجح في تغيير النظرة إلى المكانة التي انحدرت إليها الثقافة السياسية.
إن قناة فوكس الإخبارية لا تبدو مستعدة لتغيير طريقة عملها. فهي ستقوم فقط بالابتعاد قليلاً عن ادعاءات ترمب الغبية بسرقة الانتخابات (كما سيفعل ترمب نفسه أيضاً، ربما).
لن تتغير أمور كثيرة.
الصحافيون ومن قبلهم المؤرخون، وكتاب السيناريو، والصحافيون الذين يعملون على التوثيق التاريخي، كانوا نشروا عن قصد نسخاً مختلفة لمواد محرفة للواقع منذ بداية التواصل بين أبناء البشر.
السياسيون أيضاً قاموا بمثل ذلك طبعاً. لذلك يجب علينا أيضاً التحلي بالواقعية وألا نكون مثاليين، إذ: لم تكن هناك في يوم من الأيام فترة ذهبية للإعلام النظيف، ولن يحدث ذلك في المستقبل أبداً.
إن ثقافة البث الإخباري المستمر على مدى الساعة 24/7 الحديثة، ووسائل التواصل الإجتماعي، أيضاً وبصراحة، الموجة الجديدة للفاشيين الجدد الشعبويين، يشكلون كلهم تهديداً كبيراً وغير مسبوق لهذه المثل العظيمة والثمينة المتعلقة بالحقيقة والثقة والديمقراطية.
إن ترمب وقناة فوكس ليسا بصدد الرحيل في وقت قريب. فهم أبعد ما يكون عن ذلك، لأنه يبدو من الحقيقي جداً أيضاً، علمهم الجيد بأن الأكاذيب لا تتم المحاسبة عليها في معظم الأحيان".
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر