- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
في سابقة هي الأولى من نوعها، قامت ميليشيا الحوثي بإعادة امتحان الثانوية العامة للطلاب الموالين لها والمجندين في الجبهات بعد ستة أشهر من انتهاء موعد الامتحانات في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وصفت الميلشيات الامتحانات أنها استثناء لما أسمتهم "الطلاب المرابطون"، وهم أولئك المقاتلون في صفوفها، وتأتي هذه الممارسة الحوثية ضمن استهداف ممنهج للتعليم منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
وتتبنى جماعة الحوثي مشروع التجهيل، في سلسلة من الممارسات بدء من استخدام المدارس كثكنات عسكرية، ومن ثم نهب رواتب العاملين بالقطاع التربوي، وصولاً إلى التغييرات التي أجرتها في المناهج التعليمية.
موجة جديدة من تغيير المناهج
وخلال الأشهر الماضية بدأت ميلشيات الحوثي حملة جديدة في تغيير كلي للمناهج التعليمية، ففي أواخر نوفمبر الماضي، عقدت الميلشيات مؤتمراً قالت انه "لتطوير المناهج"، واتفقوا في نهايته على ما أسموها "تعزيز الهوية الإيمانية في المناهج الدراسية"، في إشارة إلى ترسيخ هوية طائفية.
وفي أكتوبر الماضي، أصدرت سلطات الميلشيات، ما أسمتها دراسة عن التعليم في اليمن، وأكدت على إجراء تغييرات جذرية في جوهر العملية التعليمية، وأوصت "باستيعاب المرتكزات الإيمانية وإعادة النظر في الكتب ذات الطابع الفكري، ومنها التاريخ والسيرة"، في منهجية تريد الميلشيات تركيزها خلال التغييرات القادمة المتوقعة.
خلال السنوات الماضية، أجرى الحوثيون في اليمن تغييرات كبيرة في المناهج التعليمية استهدفت المرحلة الأولى لتلاميذ المدارس، وغالبيتها تكرس أفكاراً طائفية، وركزت على الصفوف الأساسية الأولى في عملية ممنهجة تستهدف النشء بشكل خاص، بالإضافة إلى المراكز الصيفية التي تنفذها الميلشيات سنوياً.
وبدأت الميلشيات فرض عملية التغيير الواسعة منذ 2017، بعد تعيين شقيق زعيم الميلشيات يحيى بدر الدين الحوثي، للقيام بتلك المهمة بعد تعيينه وزيراً للتربية في الحكومة الحوثية الغير معترف بها، ومنذ ذلك الحين، ما زال باقياً في منصبه على الرغم من التقلبات والتغييرات الجوهرية في مسار تحالفات الميلشيات بدء من انفضاض التحالف مع الرئيس السابق على عبد الله صالح.
طائفية وتبعية لإيران
التغييرات الحوثية في المناهج التعليمية ركزت على ترسيخ الطائفية وتحتوي على الصبغة الإيرانية بشكل واضح، حيث جرى إضافة درس عن معركة كربلاء بين الحسين بن علي ويزيد بن معاوية، واضافة درس في كتاب التاريخ للصف السادس بعنوان "الدولة العلوية في طبرستان"، لمحاولة الربط بين اليمن وإيران تاريخيا.
في محاولة لترسيخ التبيعة لطهران في أوساط الطلاب من خلال الحديث عن علاقات تاريخية مشتركة تجمعهما، ودولة واحدة كانت تحكمهما منذ آلاف السنين هي الدولة العلوية، واستهداف للذاكرة الوطنية وتاريخ الجمهورية اليمنية، بالإضافة إلى تغييب رموز ثورة 26 سبتمبر 1962 كالزبيري، وإعادة كتابة التاريخ اليمني وفق الطابع الحوثي، وبما يروج للحكم الإمامي.
ويرى "فؤاد" وهو تربوي في امانة العاصمة، "ان خطورة تغيير المناهج بأن هذا الجيل سيكون كارثة اليمن في المستقبل، فالمليشيات تسعى لخلق جيل يحمل التعصب الديني والمذهبي والسلالي".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، أن الميلشيات تسعى طمس هوية المجتمع اليمني وخلق هوية طائفية وخلق ثقافة الحروب والتوسع والثارات، ولابد من انقاذ الجيل القادم من هذا التدمير الخطير".
وأشار "أن الحوثيين لا يكتفون بتفخيخ عقول الاطفال في المدارس بل يقومون باستخدام الدورات الصيفية كمناسبة لنشر فكرها العقائدي ورفد الجبهات بالمقاتلين ولو من صغار السن".
مستقبل مفخخ
لا تكترث ميلشيات الحوثي لمستقبل الأجيال، وفي الحقيقة لا يعنيها حيث تمارس التجهيل المتعمد للطلاب في مناطق سيطرتها، واستخدام التعليم لنشر الطائفية، مما يؤسس لجيل مفخخ بالعنف والكراهية.
وقال الدكتور ناجي الحسيني استاذ التاريخ في جامعة تعز:" لم يحدث عبر التاريخ ان سلطة استخدمت التعليم العام والجامعي ورهنت مستقبل امة بأكملها لخدمة اسرة وتقديسها، بل وجندت الطلاب أنفسهم لخوض حروب هذه الاسرة وتثبيت دعائم حكمها".
وأضاف: "جماعة الحوثي التي تخوض حربا شاملة ضد العلم والمعلم، حتى تسببت في خروج اليمن دونا عن العالم كله، من التقييم العالمي لجودة التعليم الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس".
من جانبه يرى الدكتور فوزي العبسي استاذ علم الاجتماع في جامعة الحكمة بتعز "أن "المجتمعات الامية تمثل كنزا ثمينا للجماعات الارهابية ووسطا ملائما لنموها وانتشارها، وذلك بسبب ان العقل المسير للجماعة كقطعان المواشي".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، يستغلون الجهل والامية وكثيرا ما يستخدم مصطلحات العرض والشرف، لتحشيد المقاتلين خدمة للمشروع الفارسي الساعي منذ عقود لاحتلال اليمن، ولو كانت نسبة التعليم مرتفعة لما وجدوا مقاتلين يصدقونهم".
انتهاكات حوثية بحق التعليم
بدأت ميلشيات الحوثي انتهاكات طالت كل مؤسسات التعليم، ورصد تقرير حقوقي للمركز الامريكي للعدالة بعنوان "الجريمة المنسية" آثار حرب ميلشيات الحوثي على قطاع التعليم في اليمن، والانتهاكات التي طالت العملية التعليمية والأضرار المادية والبشرية التي لحقت بها
.
وكشف التقرير أن أكثر من 170 ألف معلم ومعلمة يعيشون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي يعانون من انقطاع مرتباتهم منذ 5 سنوات على الرغم من القدرة المالية للجماعة على صرف مرتباتهم إلا أنها تستغل هذا الجانب الإنساني في مقايضات سياسية.
ورصد التقرير مقتل 1579 معلما و2624 إصابة منذ سبتمبر 2014 وحتى 2020، تتحمّل ميليشيا الحوثي مسؤولية 80% منها، إضافة إلى 621حالة اعتقال و36 حالة إخفاء قسري و142 حالة تهجير قسري لمعلمين تتحمل ميليشيا الحوثي مسؤولية ما نسبته 70% من هذه الانتهاكات.
ووثق التقرير قيام ميليشيا الحوثي بتفجير 21 مدرسة وتحويل 14مدرسة إلى ثكنات وسجون عسكرية، إضافة إلى توثيق تجنيد 211 طفلا دون سن الـ 15 قامت بها ميليشيا الحوثي في محافظتي صنعاء وعمران خلال عام 2020 فقط.
موروث إمامي ضد التعليم
وينطلق الحوثيون في حربهم على التعليم من موروث إمامي قديم، فقد كان الائمة يحتقرون دور العلم وينفرون منها، حسب ما ذكره المؤرخ محمد علي الأكوع في كتابه "المدارس الاسلامية في اليمن" وذكر ان أول ما عمله الإمام يحيى عند دخوله صنعاء بعد انتصاره على العثمانيين أن هدم دار المعلمين التي بناها الأتراك لليمنيين، وقضى على كثيرٍ من المعالم الحضاريّةِ التي من شأنها أن تنير عقول الشّبابِ.
ويذكر العلامة محمد المجاهد عن جيوش الإمام يحيى حين دخلت تعز "أنهم بدؤا بمهاجمةِ المتبقي من المدارسِ والمساجدِ، فكسّروا الزخارف والقباب، بحثًا عن كنوزٍ وراءها، فكان وهمًا مدمرًا، ثم مزقوا مكتبة الأشرفية، وكانت عامرةً بالكتب القيمة والمخطوطاتِ النادرة، حتى إنه لم يبق فيها أثر"
ويضيف “عندما دخل السيد علي الوزير إلى تعز سنة 1337ه هاجم عسكره مسجد الأشرفية، وخربوا المكتبة التابعة له، ومزقوا كتبها.
وحين ولّى الإمام يحيى ابنه إسماعيل وزارة المعارف لم يكن بوسعه، وهو الوزير أن يدخل طالبًا في أي مدرسةٍ إلا بموافقةِ أبيه، وذكر العزي السنيدار في مذكراته ان أحد الأمراء هاجم الائمة بلهجته المحلية قائلا: "أنا مستغربٌ لأعمال الإمام، كأنهم يدرسون دراسة أخرى؛ أما نحن فلا يسمحون لنا بالقراءة إلا إلى سورة الزلزلة، وأنتم تقرؤون مطلع مطلع.. كيف".
وفي زمن حكم الامامة كان هناك خمس مدارس فقط في كل المحافظات الشمالية باليمن خمس مدارس فقط، وبعد الثورة بنحو 10 سنوات تم بناء أكثر من 800 مدرسة. وبحسب إحصائيات صادرة عن المجلس الأعلى لتخطيط التعليم "فإنه ومنذ العام الأول للثورة اليمنية تم تشييد 821 مدرسة ابتدائية ومنذ 1970حتى 1979م وصل عددها إلى 2543 مدرسة"، رغم أنها كان في معظم تلك السنوات مازالت الحرب مستمرة مع فلول الإمامة.
وتواصل ميلشيات الحوثي مسيرة اسلافهم الأئمة في استهداف التعليم وتفجير المدارس والمساجد ودور القرآن الكريم، والاعتداء على الجامعات والكليات والمعاهد، واجبار الشباب والناشئين على قراءة الملازم لزعيم الجماعة كمنهج يدرس على الجميع.
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر