- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
تعمل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على تحشيد واستعداد عسكري غير مسبوق في جبهات القتال وجميع مناطق سيطرتها، مستغلة بذلك توقف الضربات الجوية للتحالف العربي، وتراجع حدة المواجهات طوال أيام الهدنة الأممية الإنسانية التي أعلنت مطلع شهر أبريل الماضي، وتم تمديدها مؤخرا الى شهرين إضافيين.
وعلى الرغم من موافقتها على بنود الهدنة المعلنة ظاهريا، إلا أن الميليشيا عكفت ليل نهار لاستغلالها منذُ لحظاتها الأولى، حيث تعمل على حشد العناصر البشرية من جميع مناطق نفوذها، وتدفع بآليات عسكرية كبيرة ومتوسطة مكثفة نحو العديد من جبهات القتال لا سيما المحيطة بمارب وتعز، وذلك استعداداً لمعارك عسكرية واسعة.
وحاول الحوثيون تحقيق اختراقات ميدانية نحو المحافظات المحررة خلال أيام الهدنة، وقتل وأصيب العشرات من أفراد القوات الحكومية في محافظات مختلفة جراء استهدافها من قبل الميليشيا طيلة 72 يوما، وهو ما أكده المركز الإعلامي للقوات المسلحة في بيانات منفصلة.
ومنذُ بدء الهدنة لم تتوقف مواكب الجثث الحوثية، التي تعلن عنها وسائل اعلام الميليشيا يوميا، وتقول إنهم قتلوا وهم "يؤدون واجب الدفاع عن الوطن"، حيث شيعت الجماعة أكثر من 250 عنصرا، وهذا ما يعزز محاولاتها المستمرة في تحقيق اختراقات ميدانية كعادتها خلال سنوات الحرب.
"انفروا خفافاً وثقالاً"
امتداد لحملة سمتها "إعصار اليمن" والتي دشنتها الميليشيا منتصف فبراير الماضي، كثفت ما يسمى بـ "لجان التعبئة والحشد" التابعة لوزارة الدفاع في حكومة الميليشيا حملات التحشيد خلال فترة الهدنة الإنسانية، حيث واصلت تحت شعار "انفروا خفافا وثقالا"، حشد العناصر بشكل غير مسبوق وإلحاقهم بجبهات القتال إلى جانب تسجيل الملتحقين الجدد بدوراتها "الثقافية، العسكرية، المتخصصة".
ويشارك في هذه الحملات الى جانب اللجان الرئيسية لجان مصغرة على مستوى المديريات والمربعات بكل مدينة خاضعة لسيطرة سلطة الجماعة.
وتقوم اللجان في كل مربع بالنزول بين الحين والآخر إلى الجوامع والمنازل وتوزع "برشورات" ذات أحجام صغيرة، تدعو إلى الالتحاق بدوراتهم العسكرية، كما تقوم بتعليق ملصقات على أبواب المساجد والمحلات والمدراس، إلى جانب توزيعها في باصات النقل، كما تقوم بنشر هذه الدعوات باستمرار في مجموعات "الواتساب" الخاصة بالمواطنين في كل حارة لمتابعة حصص الغاز وسلال الإغاثة المقدمة من المنظمات الإغاثية الدولية.
وحصل "المصدر أونلاين" على أحد "البرشورات" الذي تم توزيعها في احدى مديريات جنوب صنعاء، بالتزامن تداول نشطاء صوراً لميداليات عليها دعوات للالتحاق بالمعسكرات، وزعتها الميليشيا لطلاب الثانوية عند انتهائهم من اختبارات الوزاري الأسبوع الماضي.
وتنتهي مهمة اللجان الحوثية المصغرة في المديريات والمربعات عند تسجيل وإيصال الأفراد الملتحقين إلى اللجان الرئيسة التابعة لوزارة دفاع الميليشيا التي تواصل بدورها تعبئتهم وتدريبهم، تمهيدا للزج بهم الى جبهات القتال.
والى جانب هذه اللجان تشارك وسائل اعلام الميليشيا بما فيها الراديو والتلفزيون في عمليات التسويق والتحشيد إلى جبهات القتال، ويشارك خطباء المساجد والعقال والمشرفين (خصوصا الثقافيين)، في هذه الحملات التي تهدف بالأساس الى زيادة أعداد المقاتلين في صفوف الجماعة، لاسيما بعد الخسائر البشرية التي تعرضت لها خلال سنوات الحرب الماضية.
وقال سكان لـ"المصدر أونلاين" إن سلطة الميليشيا علقت خلال الأسابيع الماضية لوحات كبيرة في العديد من الشوارع والمباني الحكومية في العاصمة صنعاء، مكتوب عليها جمل تدعو الى التجنيد والتواصل بأرقام لجان "التعبة والحشد".
وتكرم الميليشيا عقال ومشرفي المربعات الذين يحشدون أكبر قدر ممكن من العناصر والأفراد، لرفد جبهات القتال، وذلك ضمن استراتيجية تستخدمها الميليشيا للتنافس بين قياداتها على من يحشد أكثر.
واستقطبت الميليشيا عدد كبير من المقاتلين خلال شهر رمضان المبارك، حيث كانت العناصر تتجمع لحضور "البرنامج الرمضاني" الحوثي الذي يستمر لثلاث ساعات ونصف يوميا، وتستغله الجماعة لتناول دروس طائفية متطرفة وتعبوية، كما تخصص وقتاً من هذا البرنامج للسماع لكلمة "عبدالملك الحوثي".
والى جانب ذلك استغلت الميليشيا في شهر رمضان توزيع السلال الغذائية التي وزعتها لمحتاجين عبر هيئة الزكاة ومؤسسات تابعة لها، لحث الأسر في تلك المناطق للدفع بأبنائهم إلى صفوفها خصوصا في ظل العطلة وتوقف العملية التعليمية، كما استغلت توزيع هيئة الزكاة لمبلغ (20000 ألف ريال) قبل عيد الفطر المبارك، لذات الهدف.
وفي السادس من شهر شوال الماضي دشنت سلطة الميليشيا المراكز والدورات الصيفية كمحطة موسمية سنوية لرفد الجبهات بالمقاتلين الحَدَث، وجندت خلال هذه المرحلة المئات من الشباب القاصرين، وهو أكبر عدد تم استقطابه منذُ بدء الهدنة الأممية في البلاد.
استعدادات عسكرية
يقول شهود عيان إنهم شاهدوا خلال الفترة الماضية "أربع طائرات مسيرة" لم يتم التعرف على مهامها ومكان اطلاقها، كانت على مسافة قريبة من الضواحي الشمالية الغربية للعاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي.
وأشار السكان الى أن ذلك قد يكون ضمن تجارب الحوثيين لاختبار هذه المسيرات واستخدامها في أي معارك قادمة.
في السياق قال اثنين من المقاتلين الحوثيين الذين ينتميان الى محافظة ذمار إن جماعتهم عملت على تركيب وصيانة مروحية "أباتشي" خلال شهر رمضان في احدى مناطق جنوب مارب، وأشار العنصرين الحوثيين اللذين طلبا عدم ذكر اسمائهم أن هناك مروحية أخرى لا زالت قطع في أحد مخازن السلاح في تلك الجبهة.
وأكدا في حديثين منفصلين لمصادر محلية أن هناك أعداد كبيرة من الأسلحة النوعية وصلت الى مقدمة جبهاتهم ومنها إلى المؤخرة ومخازن الإمداد السرية، وتحدثا عن تحقيق تقدما في معارك اندلعت خلال شهر رمضان جنوب مارب.
وأضافا أن الميليشيا استحدثت العديد من المتارس في الأسابيع الماضية وقامت بشق طرق حديثه في خطوط التماس وإلى تباب مطلة وحاكمة، مشيرين إلى سقوط عدد كبير من زملائهم منذُ بدء الهدنة بين قتيل وجريح بسبب محاولات انتحارية للتقدم وتحقيق انتصار.
وترى سلطة ميليشيا الحوثي وداعميها أن سقوط مأرب بأيديهم قد يؤدي الى انهيار وانقسام وتشتت المجلس الرئاسي المشكل حديثا، الذي يحظى بدعم دولي واسع، كما سيؤدي هذا الانتصار الذي تسعى اليه منذُ سنوات الى فرض شروطها المصرة على فرضها قبل الدخول في أي مفاوضات سلام شاملة.
وأوضحت مصادر محلية أن الميليشيا تدرب العناصر التي استقطبتها مؤخراً في المعسكرات المحيطة بصنعاء.
وتزور قيادات ميدانية وعسكرية لميليشيا الحوثي بشكل شبه يومي جبهات القتال الممتدة على محافظات (مارب، الجوف، الضالع، تعز، حجة، الحديدة، تعز، البيضاء، لحج).
وفي اطار عمليات التحشيد الواسعة التي ينفذها الحوثيون مستغلين أيام الهدنة التقى زعيم الجماعة "عبدالملك الحوثي" في اجتماعات منفصلة عبر الشاشاتمن تصفهم وسائل اعلام المليليشيا بـ"قيادات ووجهاء ومشايخ" المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة، كما قامت هذه الوفود بزيارة صعدة المعقل الرئيسي للميليشيا.
وفي 30 مايو الماضي احتفلت سلطة ميليشيا الحوثي وسط ميدان السبعين بتخرج "الدفعة السادسة من كلية الشرطة والدفعة الثانية من الشرطة النسائية" (وحدات عسكرية منظمة)، وحضر الحفل العديد من القيادات الميدانية والعسكرية لميليشيا الحوثي. وتقيم الميليشيا عروض عسكرية بين الحين والاخر في معسكراتها المستحدثة في محافظات مختلفة.
وحسب مصادر محلية فقد دفعت ميليشيا الحوثي خلال شهر مايو والاسبوعيين الماضيين من يونيو تعزيزات عسكرية الى جبهات القتال المحيطة بمحافظة تعز. ويؤكد سكان محليين في يريم وإب والحوبان مشاهدتهم مرور عربات وآليات عسكرية تمر أسبوعيا مع شاحنات نقل تقل مقاتلين حوثين باتجاه تعز المحاصرة.
ومطلع الشهر الجاري أعلنت سلطة الميليشيا في إب مواصلة التحشيد والنفير لجبهات القتال، وأقرت ما تسمى بـ "اللجنة الأمنية" في اجتماع لها مع مدراء أمن مديريات المحافظة خطة جديدة للتحشيد والتعبئة للجبهات.
وكلف اجتماع قيادات المليشيا في إب مدراء المديريات والأمن برفد جبهاتها القتالية وتنفيذ خطتها التحشيدية بمختلف مديريات المحافظة وتشكيل لجات ميدانية ومجتمعية، تستهدف صغار السن وطلاب المراكز الصيفية للزج بهم في معاركها القتالية.
وتقول القوات الحكومية إن ميليشيا الحوثي ارتكبت ستة آلاف خرقا للهدنة الأممية منذُ بدء سريانها، وأن العشرات من أفراد الجيش سقطوا بين جريح وقتيل في هجمات منفصلة لعناصر الميليشيا طوال الأسابيع الفائتة.
وتؤكد قوات الجيش في بيانات منفصلة أنها "ملتزمة بشكل تام وكامل بوقف إطلاق النار وفقاً للهدنة الأممية وتوجيهات القيادة السياسية والعسكرية، رغم تصعيد المليشيا الحوثية وخروقاتها للهدنة"، مشيرة الى أنها تصدت لكل زحوفات الميليشيا التي حاولت التسلل فيها الى مواقعهم منذُ اللحظات الأولى للهدنة.
والى جانب الهجمات المستمرة على الجيش ارتكبت الميليشيا العديد من الانتهاكات بحق المدينين في محافظات عدة أغلبها في محافظات (تعز، ومارب، الحديدة)، وراح ضحية هذه الهجمات العشرات من الضحايا المدنيين، الذين سقطوا بين قتيل وجريح.
وترفض الميلشيا رفع الحصار المفروض على مدينة تعز منذُ سبع سنوات، وتماطل في فتح الطرق الرئيسية، التي عهدها السكان قبل الحرب التي أشعلت الميليشيا فتيلها، وذلك على الرغم من مرور عشرة أسابيع من الهدنة، وتحقيق كافة مطالبها وشروطها.
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر