- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- ارتفعت ميزانية الحرس الثوري ثلاثة أضعاف مقارنةً بميزانية الجيش 2021
- يهيمن على 14 محطة كهرباء، ورأس مال إحدى شركاته 95 مليار دولار
- يتقاسم عوائد المطار الدولي الإيراني.. ويستحوذ على نصف الاقتصاد
- «مؤسسات الصدقة» تجمع مليارات الدولارات ولا تعلم أي جهة مكانها أو كيفية استغلالها
يخيم التناقض على المشهد الاقتصادي في إيران؛ فالدولة التي يبلغ تعداد سكانها 85 مليون نسمة تقريباً، تعاني فقراً، وبطالة، وتضخماً، وعجزاً في الميزانية، في المقابل ارتفع معدل إنفاقها العسكري خلال العقد الماضي إلى 140 مليار دولار، حسب «معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام»؛ وهو ما فرض علامات استفهام ضخمة حول آليات إدارة موارد الدولة، خاصة تلك التي تذهب إلى الحرس الثوري، الذي زادت حصته من الميزانية العامة خلال عام 2021 ثلاثة أضعاف ميزانية الجيش.
إزاء ذلك تعجز جداول معاهد الأبحاث الدولية عن حصر كمية الأموال، التي يخصصها الحرس الثوري لـ«فيلق القدس» من الميزانية. وبالإضافة إلى التسليح التقليدي، تهدف ميزانية الحرس الثوري إلى دعم وتعزيز المليشيات الموالية له في اليمن، وسوريا، والعراق؛ فضلاً عن تخصيص ما يقرب من 700 مليون دولار سنوياً لـ«حزب الله»، عطفاً على استثمار الحرس الثوري في تطوير البنية التحتية، والقلاع الصناعية، والخدمات، التي تمنحه - دون غيره من المؤسسات الإيرانية - نحو نصف حجم الاقتصاد الإيراني.
اقتصاد موازٍ
ورغم محاولات الرئيس (الإصلاحي) السابق حسن روحاني كبح جماح تدفقات أموال الحرس الثوري غير الخاضعة للرقابة، حالت قوة المؤسسة في بلاط المرشد الأعلى على خامنئي دون ذلك، لا سيما في ظل تمتع قيادة التنظيم المسلح بتدفقات مالية دائمة، لا يمكن تقديرها. وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى خضوع جانب كبير من آبار النفط لسيطرة الحرس الثوري، كما تدير كوادره مصنع سيارات «خودرو» الضخم، ومثله أيضاً المطار الدولي، الذي يتم توزيع دخله بين خزينة الدولة، ونظيرتها لدى الحرس الثوري.
أما «الخزينة الصغيرة»، حسب تعبير صحيفة «إيكونيميست» البريطانية، فيديرها المرشد الأعلى على خامنئي من خلال ولده مجتبَى؛ وقدَّرت وزارة الخزانة الأمريكية رصيدها بـ100 مليار دولار تقريباً.
وإلى جانب تلك المعلومات، تؤكد بيانات مؤسسية دولية أن الاقتصاد الموازي في إيران، الذي يدار من خلاله «مؤسسات الصدقة»، جمع مئات مليارات الدولارات خلال الآونة الأخيرة، ولا تعلم أي جهة مكانها، أو كيفية استغلالها.ربما تشي المعطيات الراهنة، بابتعاد شبكة إدارة الأموال الإيرانية بالغة التعقيد عن مخالب العقوبات الأمريكية باعتراف صحيفة «واشنطن بوست»، التي جزمت بامتلاك إيران شبكة واسعة من الروابط والقوى، التي يسيطر عليها المرشد الأعلى مباشرة، ما يشير إلى احتكار متطور للاقتصاد الإيراني؛ فالتعامل مع إيران، حسب الصحيفة الأمريكية، يعني التعامل مع خامنئي والحرس الثوري.
في الوقت نفسه، تموِّل العوائد الاقتصادية الإيرانية الهائلة التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما الحوثيين في اليمن، وفي مناطق دولية أخرى متفرقة.
هيمنة المؤسسات
الفجوة الهائلة بين الشعب الإيراني، وثالوث إمبراطورية أموال الحرس الثوري، والمرشد الأعلى، وخزينة مُجتبَى، كانت سبباً مباشراً في اندلاع احتجاجات الإيرانيين خلال ما يُعرف بـ «الربيع العربي»؛ بالإضافة إلى احتجاجات أكثر عنفاً خلال العامين 2018 و2019. وربما تزيد قتامة المشهد الإيراني خلال المستقبل المنظور في ظل نمو القوة العاملة في إيران بنسبة 2,5% سنوياً، وهو ما يعادل ولادة 3 ملايين عاطل. وتبدو المشكلة أكثر تعقيداً بين الشباب والنساء، إذ بلغت نسبة البطالة بين الشريحة الأولى 25.2% خلال عام 2020، بينما وصلت في الشريحة الثانية إلى 19,17%، حسب «إيكونيميست».ووفقاً لمؤسسات بحثية متخصصة، تفاقمت هيمنة المؤسسات التابعة مباشرة لمكتب المرشد الإيراني الأعلى على اقتصاد البلاد خلال السنوات الماضية، وزاد معها تضييق الخناق على استثمارات القطاع الخاص؛ فبعيداً عن الحكومة، يمتلك مكتب المرشد الأعلى خامنئي، والحرس الثوري 14 محطة كهرباء. يضاف إلى ذلك مؤسسة «ستاد إيغري»، وهي مؤسسة ثريَّة ومدرَّة للأرباح؛ حتى أن نفوذ المؤسسة وهيمنتها على اقتصاد إيران يفوق الحرس الثوري ذاته، ووصل الأمر إلى سطو المؤسسة واستحواذها على بعض أكبر شركات التجارة والتمويل وأكثرها ربحية.
وتؤكد دراسة نشرتها «رويترز» في 2013، أن أصول «ستاد إيغري» تقدر بنحو 95 مليار دولار. في حين قالت تقارير أخرى إن ثروة «ستاد إيغري» أكبر بكثير من هذا التقدير، لا سيما أن المؤسسة هي المحرك الأول لاستراتيجية خامنئي في إدارة الاقتصاد الإيراني.
النفط والغاز
وتنضم شركة «تدبير» لتنمية الطاقة إلى طابور قلاع تمويل الحرس الثوري؛ فالشركة التابعة مباشرة لمكتب خامنئي منذ 41 عاماً، تحتكر استكشاف وإنتاج النفط، والغاز، والمصافي، والبتروكيماويات وغيرها من الأعمال التجارية؛ كما تستحوذ على ما يُسمى بمشروع «خط أنابيب السلام» في باكستان، الذي تقدر قيمته بـ500 مليون دولار؛ بالإضافة إلى حصولها - دون مناقصات تنافسية – على 80% من مشروع بناء مصفاة نفط في مضيق هرمز، وكذلك تطوير حقل نفط «المنصوري».وتتبع مؤسسة «تدبير» العديد من الشركات متعددة المجالات؛ ومنها شركة «موستزبان» Mustazapan، التي تعمل هى الأخرى تحت إشراف مباشر من خامنئي، وتمتلك 400 شركة تجارية، تنتج 28% من صناعات المنسوجات، و22% من الأسمنت، وحوالي 45% من المشروبات غير الكحولية، و28% من إطارات السيارات، و25% من إنتاج السكر في إيران؛ ويبلغ إجمالي استثمارات «تدبير» 4 مليارات دولار.وتنضم إلى القائمة قلعة الاقتصاد السياسي الإيراني مؤسسة «أستان قدس الرزاوي»، وهى أكبر رب عمل في محافظة خراسان الشمالية الشرقية؛ وتسيطر على ملكية نحو 58 شركة كبرى في إيران، وتمتلك حصصاً ضخمة في 31 شركة أخرى؛ لتشمل شركات مالية، ووسطاء، ومستشفيات، ووسائل إعلام ونشر، وتربية حيوانات، وشركات خدمات الإنترنت، وصناعة السيارات، وغيرها الكثير. كما تهيمن المؤسسة ذاتها على 10% من إنتاج السكر، و11% من أحجار الزينة، و3.7% من حافلات النقل الداخلي بمدينة خراسان، وسُدس إنتاج الخبز في البلاد.
إيرادات 20%
وتتحكم الشركات التابعة لمؤسسة «أستان قدس الرزاوي» سنوياً في 47 ألف طن من الحليب، و2000 طن من اللحوم الحمراء، و1000 طن من اللحوم البيضاء، و100 ألف طن من المنتجات الزراعية، و10 آلاف متر مربَّع من الأقمشة بمختلف أنواعها، و6 آلاف متر مربع من السجاد اليدوي، و136 مشروعاً من البناء، والطرق، والتنمية الحضرية.
وتمتلك «تدبير» أيضاً أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية في شمال شرق إيران، تقدر بما لا يقل عن 990 ألف دونم (الدونم 1000 متر مربع) بقيمة تقديرية تزيد عن 20 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، فإن 43,5 من الأراضي الحضرية في شمال شرق إيران مملوكة للشركة؛ ويخصص صندوق الشركة 20% من إيراداته السنوية على الأقل لتغطية نفقات الحرس الثوري.
أما مؤسسة «الشهيد»، التي تأسست بأمر من المرشد الأعلى السابق آية الله الخوميني عام 1979، فحققت قفزات هائلة خلال تسعينيات القرن الماضي في سرعة تكديس الثروة. وتحت سيطرة خامنئي المباشرة، استحوذ الصندوق السيادي الإيراني على عديد الشركات المالية، والتجارية، والتصنيعية.
ولا تساهم مؤسسة إيرانية في تمويل أنشطة الحرس الثوري أكثر من لجنة «إمداد»، التي تأسست في مارس 1979؛ ورغم حصول اللجنة على حصة من ميزانية الحكومة، لكنها تمتلك أيضاً شركات تجارية، وتمويلية، تحقق أرباحاً هائلة. ويمثل المؤسسة مكاتباً في العراق، ولبنان، وأذربيجان، وسوريا، وطاجيكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، وفي أفريقيا.
ولا ينبغي في هذا السياق، تجاهل الصناديق السيادية الإيرانية الأخرى، التي تتبع المرشد الأعلى والحرس الثوري، ومنها: «المؤسسة التعاونية للحرس الثوري»، و«مجموعة بهمن لصناعة السيارات»، و«مجموعة باسرغاد المالية»، و«مجموعة خاتم الأنبياء»، و«مؤسسة الباسيغ التعاونية»، و«مؤسسة الاستثمار الإيراني السريع»، و«مؤسسة قدير»، التي تعد من أهم الشركات الاستثمارية في إيران، و«صندوق التعاون الأمني»؛ وتندرج ضمن هذه الصناديق عديد المؤسسات، والمصارف، والشركات العقارية، وكيانات اقتصادية عملاقة أخرى.
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر