الرئيسية - تقارير وإستطلاعات - سلاح نووي خطير! .. ما هي عواقب إستخدام "سويفت" ضد روسيا ؟
سلاح نووي خطير! .. ما هي عواقب إستخدام "سويفت" ضد روسيا ؟
الساعة 06:00 مساءاً (تقرير/ المنارة نت)

مع تواصل الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، بدأ الحديث في عدة وسائل إعلامية عربية ودولية، عن نظام سويفت، الذي يطلق عليه "السلاح النووي المالي"، وإمكانية فرض عقوبات على موسكو بقطع خدمات هذا النظام العالمي عنها.

ما هي "سويفت" ولماذا هي مهمة عالميا؟

بدأت فكرة منظمة سويفت في نهاية الستينيات مع تطور التجارة العالمية وانشئت المنظمة عام 1973، عندما اجتمع 239 بنكا من 15 دولة لإيجاد طريقة موحدة للتحويلات المالية العابرة للحدود. ومقرها الرئيسي بلجيكا وبدء نشاطها عام 1977.


‏تربط "سويفت" أكثر من 11,000 بنكا ومؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة وتتيح يوميا حوالي 40 مليون رسالة، تتعلق بطلبات مالية، تأكيد الدفع، مبادلات الفوركس، وتجارات الأصول.

و‏سويفت ليست أداة لتحويل أو حفظ الأموال، بل تلعب دوراً كبيراً كبنى تحتية لأدوات التواصل لتمكين التحويلات المالية العابرة للحدود.

ويهدف هذا النظام إلى تقديم أحدث الوسائل العلمية في مجال ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال من خلال البنوك المسؤولة عن تنفيذ ذلك بمختلف الدول وبذلك يتمكن المشترك من مقابلة احتياجات العملاء الأجانب والمحليين أيضا.

نظام الحصار المالي الغربي

في عالم المال، يلعب نظام SWIFT الدور الأبرز والأهم في الضبط والتحكم المالي الغربي والنظام المسمى بجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، تأسس في عام 1973 من 248 بنك من 19 دولة، وتوسع ليضم 10 آلاف منظمة مالية من أكثر من 210 دول، بقدرة على التحكم بكل التعامل المالي مع هذه المنظمات وبعملات معينة.

يمر سنوياً عبر نظام سويفت قرابة 4 مليارات صفقة مدفوعات، وبمبالغ يومية تقدر بتريليونات الدولارات لمدفوعات المعاملات المالية، التي تمر عبر البنوك والمؤسسات الشريكة في "جمعية سويفت" نستطيع القول إن سويفت تتحكم اليوم بمجمل المدفوعات العالمية، فهي عملياً الوسيط الذي يربط بنوك العالم كافة ولكن الأهم في هذه المجموعة هم أعضاؤها الأبرز أي منظومة البنوك المركزية الست المسماة:G6، وهي بنوك مراكز المنظومة المالية الغربية "البنك الفيدرالي الأمريكي، المركزي الأوروبي، بنك إنجلترا، البنك الياباني، البنك السويسري، والبنك الكندي".

91% مدفوعات من ست عملات العملات التي تطبع في هذه البنوك المركزية الست، هي العملات الأساسية التي تمر عبر نظام مدفوعات سويفت، ورغم أن النظام يدرج في تداولاته 20 عملة عالمية، إلا أن هذه العملات الست تشكل نسبة 91.7% من المدفوعات الدولية التي تمر عبر النظام.

أي أن 91% من التريليونات التي تعبر عبر المنظومة، هي صادرة عن هؤلاء الأعضاء الخاصين، بينما أقل من 10% من المدفوعات تتم بـ 14 عملة أخرى يساهم الدولار واليورو بالنسبة الأكبر من مدفوعات نظام سويفت حيث شكلا نسبة 80.7% من تعاملات سويفت الدولية العابرة للحدود في عام 2017.

وقد شهدت حصصهما تغيرات، لينخفض الدولار بنسبة ملفتة ويرتفع اليورو، فخلال عامي 2015-2017 انخفضت حصة الدولار بنسبة 6.6%، وارتفعت حصة اليورو بنسبة تقارب 10% من تعاملات سويفت الدولية، ولكن بقي الاثنان يشكلان النسبة الأكبر بما يزيد عن 80%، ما يعني تحكم كبير بالتعاملات المالية الدولية لأكثر من 10 آلاف منظمة مالية عبر العالم.

وضع العملات الدولية من منظور سويفت

إن التعامل بالعملات المحلية ضرورة ملحّة لكل القوى الدولية الصاعدة التي تجد نفسها في مواجهة اقتصادية سياسية مباشرة مع المنظومة المالية الغربية، ولكن هذه المواجهة المتعادلة عسكرياً واقتصادياً إلى حد بعيد، هي مواجهة صعبة مالياً فالغرب أسس أدوات هيمنة مالية محكمة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وخلال المرحلة النيوليبرالية في الثمانينات تحديداً.

ونظام سويفت أحد تجلياتها، حيث يؤدي التعامل بالدولار تلقائياً إلى فسح المجال للحصار المالي من قبل أكثر من 10 آلاف منظمة مالية دولية من بنوك وغيرها المواجهة في المعركة المالية تتطلب منظومة مالية جديدة، أساسها عدم التعامل بالدولار أو عملات البنوك المركزية الغربية الست، وأدواتها سلسلة بنوك تمويل مستقلة تماماً عن منظومة الغرب.

"سويفت" في الشرق الأوسط وأفريقيا نمو متجاوز المعدل العالمي

قال سيدو بيستاني رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) إن نمو نظام سويفت للتحويلات المالية في الشرق الأوسط وأفريقيا تسارع بنسبة مئوية في خانة العشرات هذا العام مع التوسع السريع للبنوك وانضمام مؤسسات غير مالية لشبكة "سويفت".

وأضاف بيستاني في مقابلة إن النمو في منطقة الشرق الأوسط بلغ 12 في المائة حيث طغى نمو في خانة العشرات في قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة على تراجع في لبنان والعراق وليبيا.

وتستثني البيانات إيران التي منعت من استخدام الشبكة منذ 2012 بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي على طهران وقال بيستاني إن النمو في أفريقيا في العام السابق بلغ 11 في المائة بقيادة كينيا وغانا ونيجيريا وبلغ متوسط النمو العالمي للتحويلات المالية عبر نظام "سويفت" منذ بداية العام عشرة في المائة.

وتشكل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ما يزيد على أربعة في المائة من إجمالي حجم التحويلات العالمية ومن المنتظر أن يرتفع هذا المستوى في المستقبل وتوسعت البنوك في الشرق الأوسط وأفريقيا محليا وخارجيا في السنوات السابقة ومن خلال الاستحواذات توسع بنك قطر الوطني أكبر مصرف في منطقة الخليج في مصر وأسواق أفريقية أخرى بينما يمارس ستاندرد بنك ومقره جنوب أفريقيا وهو أكبر بنك في القارة السمراء من حيث الأصول أنشطة في 20 دولة من بينها نيجيريا وأنغولا وموزامبيق.

وتنضم مزيد من المؤسسات غير المالية إلى شبكة "سويفت" للاستفادة من خدماتها إذ انضمت نحو 50 شركة في الشرق الأوسط وهو ما يمكنها من إجراء معاملات وتحويلات مالية عبر النظام.

الصين وسويفت بغض متبادل

من بين العملات الـ 14 المتبقية في نظام سويف، يبدو تدني نسبة اليوان الصيني ملفتاً للنظر، فهو لم يشكل إلا نسبة 2.3% من المدفوعات الدولية عبر نظام سويفت، وانخفض في عام 2017 إلى 1.6%. وتبدو هذه النسبة القليلة متناقضة مع الدور التجاري والتمويلي الصيني الكبير، ومع الموقع السريع الذي حجزته الصين كعملة احتياطية دولية.

فبعد أن أدرج صندوق النقد الدولي في عام 2015 اليوان الصيني كواحدة من عملات سلة الاحتياطي العالمي، سارع اليوان ليحتل المرتبة الثالثة عالمياً بنسبة 10% بعد الدولار واليورو، ومزيحاً البوند البريطاني، والين الياباني إلى المرتبتين الرابعة والخامسة.

ولا يمكن تفسير هذه المفارقة إلا باتجاهين أولهما: توجه لدى منظومة سويفت بعدم قبول توسيع التعامل باليوان الصيني ضمن المؤسسات المالية المشمولة والثاني: توجه الصين إلى التعامل بعملتها مع شركائها التجاريين بشكل مباشر، وخارج حصن سويفت، لحماية تعاملاتها التجارية بعملتها من الانخراط الواسع في منظومة سويفت.

ولكن رغم هذا فإن اعتماد الاقتصاد الصيني واليوان على عملات البنوك المركزية الست لا يزال عالياً، وهو ما يوقعها في خطر التحكم المالي والتضييق لمنظومة المؤسسات المالية الغربية المدرجة في نظام سويفت حيث إن عقوبات أو تضييق على التعامل التجاري مع الصين، يجعل كل الأعمال الصينية التي تتعامل بأي من العملات الست بخطر.

وحتى الآن شكلت المبادلات بين اليوان والدولار نسبة 97.8% من مجموع عمليات مبادلة العملة الصينية في عام 2017، بينما اليورو نسبة 1.28%، والوون الكوري الجنوبي: 0.97%، والين الياباني: 0.2% ونسب أقل لعملات أخرى وتدل هذه النسبة على أن التعاملات الصينية الدولية تتم بنسبتها الساحقة بالدولار.

"سويفت" يمنع الوصول الى بعض المصارف الإيرانية

أعلن المزود الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن (سويفت) قراره تعليق وصول بعض البنوك الايرانية الى شبكته وذلك بعد قرار واشنطن فرض رزمة ثانية من العقوبات على ايران تشمل قطاعي النفط والمال.

وكان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو دعا سويفت الى استبعاد المؤسسات المالية الايرانية المدرجة في اللائحة الاميركية السوداء، من خدماتها مع استثناء "التعاملات الانسانية" وقالت شركة سويفت التي مقرها بروكسل في بيان بناء على مهمتها في دعم صلابة النظام المالي العالمي ونزاهته، بوصفها تسدي خدمات عالمية ومحايدة، تعلق سويفت وصول بعض البنوك الايرانية الى شبكتها للتراسل

وأضافت ان هذا الاجراء، رغم أنه مؤسف، اتخذ من اجل مصلحة واستقرار ونزاهة النظام المالي العالمي في مجمله.

وتتيح خدمات سويفت ربط أكثر من 11 الف منظمة مصرفية وبنى تحتية وشركات متعاملة في أكثر من 200 بلد ومنطقة، بحسب الشركة موضحة أنها "لا تملك رساميل ولا تدير حسابات لحساب زبائن".

إذاً، لماذا هي في دائرة الأضواء حالياً؟

‏على الرغم من أنها ليست منظمة سياسية، إلا أن سويفت تعتبر كأداة جيوسياسية تستعملها الدول النافذة كجزء من العقوبات الاقتصادية على دوَل أخرى.

لذلك، فإن قطع خدمة سويفت عن البنوك في دولة معينة، يعيق المعاملات المالية القادمة والخارجة من هذه الدولة، مما يؤدي لأوضاع اقتصادية خانقة.

و‏مع الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، هناك احتمالا كبيرا بقيام  اميركا ودوَل حلف الأطلسي ببحث إمكانية قطع خدمة سويفت عن روسيا كجزء من العقوبات التي يدور الحديث عن فرضها على موسكو.

عقوبة قاسية كهذه تمثل سيف ذو حدين: فاقتصاد روسيا مهول، كأخطبوط عملاق يملك مجسات مغروسة عميقاً حول العالم. روسيا هي مصدّر كبير للغاز لأوروبا ودول أخرى حول العالم، بالاضافة الى المواد الأولية الضرورية لتصنيع محركات الطائرات، الموصلات الكهربائية، السيارات، الإلكترونيات والسماد الزراعي.

قطع خدمة سويفت عن روسيا لن يهدد هذه الصناعات فقط، بل سيهدّد تدفق الأموال في هذه الصناعات أيضاً.

‏منذ تهديدها بالعقوبات الاقتصادية عام 2014، عملت روسيا على انشاء خدمة مشابهة لسويفت خاصة بها وبحلفائها مما يعني انها يمكن أن تقوّض من حدّة العقوبات على اقتصادها.

لكن لا يزال الخبراء الاقتصاديون يحذرون من خطورة العقوبات على الاقتصاد العالمي.

مثل آخر: قطع سويفت عن روسيا سيؤدي إلى مضاعفات على البتكوين والعملات الرقمية، من خلال قيام روسيا بتمييع العقوبات عبر تفعيل خدماتها المالية الذاتية، مع استبدال التعامل بالدولار، مما سيزيد من ضعف الاحتياط بالعملة الاميركية (الدولار).

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً