تواجه العملية التعليمية في اليمن صعوبات جمة، تضع الحكومة الشرعية أمام تحديات لاجتيازها، ورغم انشغال الحكومة في معالجة الأوضاع الراهنة في المحافظات المحررة ، إلا أنها رغم ذلك تضع "التعليم" ضمن أولوياتها، كما أكد رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، في إجتماع عقده مؤخراً ،مع قيادة وزارة التربية والتعليم ومؤسساتها.

أتى هذا الاجتماع في لحظة عصيبة تزداد فيها العملية التعليمية سوءًا في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي تحديدًا، فلم تكتف المليشيات المدعومة من إيران، باستخدام المدارس كثكنات، بل قامت ما هو أسوأ من ذلك، فخلال الأيام السابقة تابع اليمنيون سلسلة من الأحداث قام بها الحوثيون تستهدف التعليم مباشرة: قتل مدرس في صنعاء، اقتحام مدارس للبنات، علاوة على اتخاذ الأماكن المجاورة للمدارس كمخابئ لصناعة البارود، كما حدث قبل أكثر من عام في العاصمة صنعاء،  ما أدى إلى انفجار هائل أودى بحياة طلاب وطالبات.

 تعي الحكومة خطورة ما تقوم به المليشيات الحوثية، لذا كان لا بد من التحرك لتدارس سبل المواجهة بتوجيه من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية،  لتجتمع الحكومة في عدن الأسبوع المنصرم لمواصلة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة ما تقوم به المليشيات من جرائم وممارسات بحق العملية التعليمية وأطفال وشباب اليمن.  

مواجهة فكرية:

وخلال الاجتماع أكد رئيس الوزراء أن المواجهة مع مليشيات الحوثي الانقلابية،  بكل أشكالها هي مواجهة فكرية بالمقام الأول، مشيرًا إلى أن المليشيات ،  تسعى إلى السيطرة على التعليم وتوجيهه نحو إنشاء جيل مؤدلج فكريًا وسياسيًا وعقائديًا.

وفي سياق سيطرة الحوثي على التعليم فكريًا، نشر الصحفي بسيم الجنائي، صورة لتوجيه يفرضه الحوثيون على المدارس في محافظة الحديدة غرب البلاد، وجاء في التوجيه الذي تم توزيعه  في تطبيق واتساب، من قبل المليشيات على مسؤولي المديريات: "حسب توجيهات مدير عام المديرية، ومشرف عام المديرية، يتم أخذ نسخة من الهوية الإيمانية وعرضها بالمدارس على هيئة التدريس والطلاب والطالبات، لغرس الهوية الإيمانية في نفوس أبنائنا".

 ولا يعد هذا التوجيه الأول من نوعه، فقد سبق للمليشيات أن قامت بخطوات فعلية على الأرض، لصبغ التعليم بهويتها الماسخة، ففي صنعاء وتحت اسم المخيم الصيفي، جمعت  أكثر من 10 آلاف طالبا لحضور دورة تقدمها شقيق زعيم المليشيات الحوثية، يحيى بدر الدين الحوثي والذي نصبته المليشيا كوزير للتعليم في حكومتها الانقلابية غير المعترف بها .

ولمواجهة ذلك، شدد رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، على أهمية الارتقاء بالعملية التعليمية والتربوية وتعزيز دورها في تكريس ثقافة التعايش والاعتدال وتحصين النشء والشباب من الأفكار الهدامة والمتطرفة.

آلية مناسبة للمشاريع المتعثرة: وناقش الاجتماع الحكومي الذي عقد في العاصمة المؤقتة عدن، الإشكاليات الكبيرة التي تواجه العملية التعليمية والاحتياجات الطارئة للارتقاء بها، خصوصًا فيما يتعلق بالكادر التعليمي والمشاريع والتجهيزات وإعادة التأهيل والترميم للمؤسسات التعليمية التي تضررت بسبب الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي، وأكد الدكتور معين اهتمام القيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية بالنهوض بالعملية التعليمية وتجاوز التحديات في هذه الظروف الصعبة.

وفي الاجتماع الذي حضره وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله لملس، ورؤساء المؤسسات التابعة للوزارة، وجه معين عبدالملك بإجراء دراسات ومسوحات للمشاريع المتعثرة الخاصة بالوزارة والرفع بها لمجلس الوزراء للبحث في آلية تمويل مناسبة.  

مضاعفة معاناة المعلمين والموظفين :

واستمرارًا لاستهداف العملية التعليمية، ضمن استهداف عام لليمنيين ومصالحهم، قامت مليشيات الحوثي بمنع التعامل مع الطبعة الجديدة من العملة الوطنية، مما حدا بالبنوك والمصارف التي تعاقدت معها وزارة المالية لصرف رواتب ومعاشات المعلمين والموظفين والمتقاعدين في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، الاعتذار عن صرف تلك الرواتب والمعاشات. .

وقالت وزارة المالية في بيان لها إنها "تلقت رسائل اعتذار من البنوك والمصارف بعدم قدرتها عن الاستمرار في صرف الرواتب بسبب الإجراءات التي اتخذتها مليشيا الحوثي بمنع تداول العملة الوطنية الصادرة في السنوات الثلاث الأخيرة.

يذكر  أن الحكومة تصرف رواتب ما يزيد عن 80 ألف متقاعد، وفي الحديدة فقط تصرف رواتب 32 ألف موظف، ناهيك عن صرف رواتب قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم العالي.

* قسم المتابعة والرصد في "المنارة نت " + "بصمة للإعلام"